آخر الأخبار

اطلع على أحدث أخبار المستشار الدكتور خالد السلامي

من هنا

الشهادات والتكريمات

اطلع على شهادات وتكريمات المستشار الدكتور خالد السلامي

من هنا

أحدث المقالات

أحدث المقالات والمنشورات الصحفية للمستشار الدكتور خالد السلامي

من هنا
رئيس مجلس إدارة جمعية أهالي ذوي الإعاقة
مؤسس ورئيس مجلس إدارة تفاصيل للاستشارات والدراسات الإدارية
المدير العام – آر إم بي تسهيل
سفير السلام والنوايا الحسنة
سفير التنمية
خبير إداري ومستشار دولي معتمد في العلاقات الدولية
خبير إداري ومستشار دولي معتمد في التحكيم الدولي
عضو الأمانة العامة للمركز العربي الأوروبي لحقوق الإنسان والقانون الدولي
Feature Image

آخر الأخبار

آخر الأخبــــار

الأخبار

شراكة استراتيجية بين جمعية أهالي ذوي الإعاقة ومركز العين للتدريب والتأهيل

في مشهد يعكس روح التضامن والتكامل المجتمعي، وقعت جمعية أهالي ذوي الإعاقة اتفاقية شراكة نوعية مع مركز العين للتدريب والتأهيل. وجاءت هذه الخطوة خلال احتفالية رسمية مميزة شهدت حضور شخصيات بارزة وفاعلة في مجال العمل المجتمعي، على رأسهم المستشار الدكتور خالد السلامي، رئيس مجلس إدارة الجمعية، إلى جانب الأستاذ علي حمدي مدير عام المركز ممثلاً عن رئيس مجلس الإدارة الأستاذ ناصر الشريفي.

اللقاء لم يكن مجرد مراسم بروتوكولية، بل جسّد التقاء الرؤى بين مؤسستين لهما دور محوري في خدمة أصحاب الهمم، حيث اجتمع أعضاء مجلس إدارة الجمعية مع عدد من أهالي ومنتسبي الجمعية الذين حملوا مشاعر الامتنان والتفاؤل بهذا التعاون. فقد لمس الحضور أن الاتفاقية تمثل بداية مرحلة جديدة من العمل التشاركي الذي يضع مصلحة أصحاب الهمم في مقدمة الأولويات.

خلفية وأهمية الاتفاقية

تأتي هذه الشراكة في ظل الحاجة المتزايدة إلى تطوير منظومة متكاملة من الخدمات التي تراعي احتياجات أصحاب الهمم، بدءاً من التدريب والتأهيل وصولاً إلى الدمج الفعّال في المجتمع. وتكتسب هذه الاتفاقية أهمية خاصة كونها تجمع بين جمعية أهلية تعنى مباشرة بأسر وذوي الإعاقة، ومركز متخصص يمتلك الخبرة العملية والبنية التحتية لتقديم خدمات متقدمة وفق معايير حديثة.

الدور المحوري للشخصيات الحاضرة

لم يكن الحضور مجرد تمثيل رسمي، بل عكس التزاماً حقيقياً تجاه هذه القضية الإنسانية. فقد أكد المستشار الدكتور خالد السلامي أن “هذه الاتفاقية ليست نهاية المطاف، بل بداية لشراكات أكبر وأكثر تأثيراً، تهدف إلى الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة لأصحاب الهمم”. وأضاف أن الجمعية تسعى دوماً إلى توسيع شبكات التعاون بما ينعكس إيجاباً على الأعضاء وأسرهم.

أما الأستاذ علي حمدي، فقد أوضح أن مركز العين للتدريب والتأهيل يرى في هذه الشراكة تعزيزاً لدوره المجتمعي قائلاً: “المركز يضع خبراته وكوادره وإمكاناته تحت تصرف الجمعية، بما يخدم فئة غالية على قلوبنا جميعاً”. وأكد أن التعاون سيترجم إلى برامج عملية ومبادرات ملموسة خلال الفترة المقبلة.

الدور البارز للعلاقات العامة

وقد خصّت الجمعية بالشكر الأستاذ عبدالرحمن، مدير العلاقات العامة، الذي لعب دوراً محورياً في التمهيد لهذه الاتفاقية وإخراجها إلى النور. فقد كان حلقة الوصل بين الطرفين، وساهم في صياغة أسس التعاون، ما يعكس أهمية الدور الإعلامي والتواصلي في إنجاح مثل هذه المبادرات.

الأهداف المشتركة للشراكة

تهدف الاتفاقية إلى تحقيق عدة محاور رئيسية، من أبرزها:

  • توفير برامج تدريبية وتأهيلية متخصصة تلبي احتياجات أصحاب الهمم وتفتح أمامهم فرصاً أوسع للاندماج في سوق العمل والمجتمع.
  • تقديم الدعم المباشر للأسر عبر ورش عمل واستشارات، مما يساهم في تعزيز قدرتها على التعامل مع تحديات الإعاقة.
  • تنظيم فعاليات مشتركة تسلط الضوء على قضايا الإعاقة وتبني جسوراً من الوعي والتفاعل مع مختلف شرائح المجتمع.
  • تطوير مبادرات نوعية تواكب توجهات الدولة في تمكين أصحاب الهمم وضمان مشاركتهم الفعّالة في التنمية.

أبعاد إنسانية ومجتمعية أعمق

لا يخفى أن هذه الخطوة تحمل بعداً إنسانياً عميقاً يتجاوز الجانب المؤسسي. فهي تعكس الإيمان الراسخ بأن أصحاب الهمم ليسوا مجرد فئة تحتاج إلى رعاية، بل شركاء فاعلين في بناء المجتمع إذا ما أُتيحت لهم الفرص. ومن خلال هذه الشراكة، سيتم تعزيز مفهوم الدمج الاجتماعي ليس فقط عبر البرامج التدريبية، بل أيضاً عبر الأنشطة التفاعلية التي تسهم في إزالة الحواجز النفسية والاجتماعية.

تطلعات مستقبلية

ينظر الطرفان إلى هذه الاتفاقية كبداية لمسار طويل من التعاون، حيث أكد الجانبان على العمل لتوسيع نطاقها لتشمل مبادرات جديدة، مثل إدخال تقنيات تعليمية حديثة، وتطوير منصات رقمية تسهل الوصول إلى الخدمات، بالإضافة إلى برامج تبادل خبرات مع مراكز وجمعيات أخرى داخل الدولة وخارجها.

كلمة أخيرة

ختاماً، يمكن القول إن توقيع هذه الاتفاقية يشكل محطة مهمة على طريق تمكين أصحاب الهمم، ويؤكد مجدداً أن العمل المشترك بين المؤسسات هو السبيل الأمثل لتحقيق نتائج ملموسة ومستدامة. فهي ليست مجرد وثيقة تعاون، بل رسالة أمل تحمل في طياتها وعداً بمستقبل أكثر إشراقاً لأصحاب الهمم وأسرهم، ورسالة وفاء لمجتمع يؤمن بقيمة كل فرد فيه.

 

الأخبار

خالد السلامي: سنوظف الذكاء الاصطناعي لخدمة ذوي الإعاقة

فاز المستشار الدكتور خالد علي سعيد السلامي، عضو الأمانة العامة للمركز العربي الأوروبي لحقوق الإنسان والقانون الدولي، الممثل عن دولة الإمارات، برئاسة مجلس إدارة جمعية أهالي ذوي الإعاقة للعام الجاري، في مشهد انتخابي شفاف وبإشراف وزارة تنمية المجتمع ودائرة الخدمات الاجتماعية.

وتعقيباً على الفوز، قال السلامي إنه لا يمكن تحقيق تمكين حقيقي لذوي الإعاقة إن لم يكن البيت شريكاً في الرحلة، بتمكين العائلة أولًا، لتكون داعمة لا متفرجة، فاعلة لا منفعلة، وموضحاً أن برنامجه يستهدف إطلاق منصات رقمية توجيهية تساعد الأهالي على التفاعل مع البرامج التدريبية، وتسهّل عملية التواصل مع مزودي الخدمات، وتعزز ثقافة المتابعة اليومية لحالة أبنائهم.
وشدّد على أن الذكاء الاصطناعي، وتقنيات البيانات، يجب أن يُوظّفا لخدمة ذوي الإعاقة لا أن يظلّا حكراً على المؤسسات، متعهداً بأن تكون الجمعية نموذجاً يُحتذى به في استخدام التكنولوجيا لتعزيز جودة الحياة، وتطوير البرامج التأهيلية، وربطها بسوق العمل، قائلاً: «أحلم بأن تتحوّل الجمعية من كيان دعم، إلى منصة تأثير، أن تكتب في السياسات، وتُوجّه المجتمع، وتعيد تعريف مفهوم التمكين في منطقتنا العربية.
وأضاف: رؤيتي ترتكز على ثلاثة محاور، أولها إعادة صياغة دور الجمعية كمؤسسة تغيير مجتمعي، لا مجرد مقدم خدمات، ثم توسيع شبكة الشراكات مع القطاعين الحكومي والخاص داخل الدولة وخارجها، بالإضافة إلى تعزيز الدور الاستشاري للجمعية في صياغة السياسات العامة المتعلقة بذوي الإعاقة».
وأوضح أن المرحلة القادمة ستشهد تطويراً مؤسسياً شاملاً في برامج الجمعية، مع التركيز على التكامل المجتمعي، وتوسيع نطاق خدمات الدعم النفسي والتأهيل، وإطلاق مبادرات توعوية متخصصة تصل إلى أطياف المجتمع كافة.
صوت للأهالي

تأسست الجمعية عام 1996، لتكون صوتاً للأهالي والمدافعين عن حقوق ذوي الإعاقة في الإمارات، وخلال مسيرتها الممتدة، سعت إلى توفير بيئة شاملة تحفظ الكرامة وتُعزز الاندماج، عبر برامج نوعية في الدعم النفسي، والتوعية، والتثقيف المجتمعي، والشراكات مع المؤسسات الوطنية.

Originally posted 2025-05-31 16:17:10.

الأخبار

تكريم الدكتور ” خالد السلامي” بالملتقى السنوي لـ جمعية الإمارات للسرطان في دبي

تم اليوم انطلاق فعاليات الملتقى السنوي لـ جمعية الإمارات للسرطان في دبي وذلك ضمن مسيرتها في دعم العمل الإنساني و الجهود الخيرية، حيث نظمت جمعية الإمارات للسرطان الملتقى السنوي 2025 اليوم السبت الموافق 24 مايو في ندوة الثقافة والعلوم دبي. ويهدف الملتقى إلى تسليط الضوء على أبرز إنجازات الجمعية ، واستعراض الخطط المستقبلية، وتعزيز التواصل المجتمعي مع أعضاء الجمعية الذين يشكلون ركيزة أساسية في دعم رسالتها.

وكرّم الشيخ سالم بن ركاض العامري، رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للسرطان، الدكتور خالد علي سعيد السلامي، عضو الأمانة العامة للمركز العربي الأوروبي لحقوق الإنسان والقانون الدولي ورئيس جمعية أهالي ذوي الإعاقة في دولة الإمارات تقديرًا لجهوده المتواصلة وعطائه الإنساني المميز في دعم قضايا المجتمع، خاصة في مجالات الرعاية الإنسانية وحقوق أصحاب الهمم.

وجاء التكريم خلال احتفالية خاصة نظمتها الجمعية، حيث تم تسليط الضوء على إسهامات الدكتور خالد السلامي في تعزيز ثقافة التطوع، وترسيخ قيم العطاء المجتمعي، ودوره البارز في إطلاق مبادرات نوعية تستهدف الفئات الأكثر احتياجًا، لا سيما المرضى وأصحاب الهمم.

وفي تصريح له عقب التكريم، أعرب الدكتور خالد السلامي عن بالغ شكره وامتنانه لهذا التقدير، مؤكدًا أن خدمة المجتمع والعمل الإنساني هما رسالة سامية لا تكتمل إلا بالشراكة والتعاون بين جميع الجهات والمؤسسات. وقال الدكتور السلامي إن هذا التكريم ليس تكريمًا شخصيًا بقدر ما هو تكريم لكل من آمن برسالة العطاء، ولكل من ساهم في زرع الأمل في نفوس من ضاقت بهم الحياة. فالأعمال الخيرية والإنسانية لا تُقاس بالكلمات، بل بالأثر الذي تتركه في قلوب المحتاجين.”

وأكد السلامي أن دولة الإمارات باتت نموذجًا عالميًا في مجال العمل الإنساني والتنموي، بفضل توجيهات قيادتها الرشيدة، مشيرًا إلى أن التكريم يشكل دافعًا جديدًا لمواصلة المبادرات والمشاريع التي تحقق الأثر الإيجابي وتلامس احتياجات المجتمع بمختلف فئاته. واختتم تصريحه بقوله:”ما دام فينا العزم، فلن نتوقف عن البذل والعطاء.. لأننا نؤمن أن من يزرع الأمل، لابد أن يحصد المحبة والدعاء.”

Originally posted 2025-05-31 16:16:18.

الأخبار

خالد السلامي يشيد بمشاركة “دولة الإمارات” في الاجتماع الوزاري للمناخ في كوبنهاغن

اشاد المستشار الدكتور خالد السلامي عضو الامانه العامه للمركز العربي الأوربي لحقوق الإنسان والقانون الدولي وممثل رسمي للمركز في دولة الإمارات العربية المتحدة ، بمشاركة “دولة الإمارات” في الاجتماع الوزاري للمناخ في كوبنهاغن حيث تقود الإمارات الحوار في التخطيط الإنمائي الطويل الأجل .

وترأس عبدالله بالعلاء، مساعد وزير الخارجية لشؤون الطاقة والاستدامة، وفد دولة الإمارات المشارك في الاجتماع الوزاري للمناخ، الذي عقد في عاصمة مملكة الدنمارك كوبنهاغن، بمشاركة وزراء وقادة المناخ من مختلف دول العالم، في إطار الدفع قُدماً بتنفيذ مخرجات مؤتمر«COP28»، وتحديد المسار نحو مؤتمر «COP30».

ويُعد هذا الاجتماع – الذي عُقد من 7 إلى 8 مايو – محطة مفصلية في المسار المناخي العالمي، حيث يصادف مرور عشرة أعوام على اعتماد اتفاق باريس للمناخ، ونقطة منتصف العقد الحاسم لتحقيق هدف الحدّ من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية.

ومثّل بالعلاء، رئاسة مؤتمر «COP28» في جلسة الحوار الوزارية في «التخطيط الإنمائي طويل الأجل»، التي ترأسها بشكل مشترك رؤساء مؤتمرات الأطراف «COP28» و«COP29» و«COP30»، ضمن إطار عمل «الترويكا». وركزت الجلسة على سبل تحويل المساهمات المحددة وطنياً إلى أدوات استراتيجية لتحقيق التنمية المستدامة، وتحفيز الاستثمارات، وتعزيز القدرة المؤسسية على الصمود.
وقال بالعلاء «بصفتها الدولة المبادِرة لخريطة طريق الترويكا نحو هدف 1.5 درجة، تؤمن دولة الإمارات بأن المساهمات المحددة وطنياً يجب ألا تبقى في إطار التعهدات فقط، بل يجب أن تتحول إلى مخططات تنموية وطنية، تدمج بين الاستثمار والشمولية والقدرة على التكيف».

وعلى هامش الاجتماع، عقد عدداً من اللقاءات الثنائية مع شركاء رئيسيين، من بينهم وزير التغير المناخي في مملكة النرويج، ومساعد وزير الطاقة والمناخ والمرافق الدنماركية، ووزيرة البيئة والمساواة بين الجنسين في الدنمارك، وسفيرة المناخ في مملكة الدنمارك، لتعزيز التنسيق، بشأن أولويات المرحلة المقبلة وصولاً إلى مؤتمر«COP30».

كما عقد لقاءات مع الرؤساء التنفيذيين لشركات الطاقة المتجددة في مملكة الدنمارك، منها «Vestas» لتصنيع توربينات الرياح، ومحفظة «CIP» للاستثمار في الطاقة المتجددة، وشركة«AVK» القابضة لحلول المياه.
وخلال اللقاءات، جدّد التزام دولة الإمارات، بقيادة جهود تنفيذ مخرجات «ميثاق وحدة باكو للمناخ».

Originally posted 2025-05-31 16:12:11.

الأخبار

دبي تحتفي بالعطاء..

تكريم أكثر من 300 متطوع ومنح الدكتور خالد السلامي وشاح عام المجتمع 2025

في ليلة استثنائية امتلأت بالبهجة والفخر، احتضن نادي ضباط شرطة دبي مساء يوم السبت 20 سبتمبر 2025، فعالية كبرى للاحتفاء بالعمل التطوعي وتكريم رواده. جاء هذا الحدث بتنظيم مشترك بين شرطة دبي، وفريق الروح الإيجابية، وفريق “شكراً لعطائك التطوعي”، بحضور رفيع المستوى تقدمهم سعادة الشيخ الدكتور سالم بن ركاض العامري، الرئيس الفخري للفريق. الحفل لم يكن مجرد مناسبة بروتوكولية، بل كان احتفالاً بإنسانية متجددة، ورسالة واضحة بأن ثقافة العطاء هي جوهر المجتمع الإماراتي.

الشيخ سالم بن ركاض العامري.. حضور يضيء المشهد

حضور الشيخ الدكتور سالم بن ركاض العامري منح الحفل بُعداً خاصاً، فلطالما كان داعماً راسخاً للمبادرات التطوعية ومشجعاً للمجتمع على تبني قيم التعاون والتكافل. كلماته خلال الحفل لامست القلوب، حين شدد على أن العمل التطوعي ليس خياراً هامشياً، بل هو التزام إنساني يرسخ مكانة الإمارات كمنارة للخير والعطاء. وجوده إلى جانب المتطوعين كان بمثابة تكريم مضاعف، ورسالة ثقة وإلهام لكل المشاركين.

الدكتور خالد السلامي.. وسام جديد في مسيرة العطاء

من أبرز محطات الحفل تكريم المستشار الدكتور خالد السلامي، الذي مُنح “وشاح عام المجتمع 2025” تقديراً لمسيرته الطويلة في دعم العمل الإنساني وترسيخ ثقافة التطوع. الدكتور السلامي عُرف بمبادراته المؤثرة التي استهدفت الفئات الأكثر احتياجاً، وكان دائماً الصوت الداعم لفكرة أن العطاء لا يُقاس بالحجم، بل بالأثر الإيجابي الذي يتركه في النفوس. تكريمه في هذه الأمسية لم يكن مجرد وسام شخصي، بل انعكاس لمسيرة جماعية، ودعوة لكل الشباب ليجعلوا من العطاء أسلوب حياة.

تكريم 300 متطوع ومتطوعة.. أبطال خلف الكواليس

لم يغفل الحفل عن تكريم الركيزة الأساسية للعمل التطوعي: المتطوعون أنفسهم. أكثر من 300 متطوع ومتطوعة صعدوا إلى منصة التكريم، في لحظة مؤثرة اختلطت فيها الدموع بالابتسامات. هؤلاء الشباب والنساء هم من جعلوا المبادرات تنبض بالحياة، وهم الذين جسدوا على أرض الواقع رؤية “متطوع في كل بيت”. كان تكريمهم بمثابة رسالة اعتراف بجهودهم، وتشجيع لهم لمواصلة المسيرة.

أجواء إنسانية وروح مجتمعية

الحفل لم يكن مجرد بروتوكول، بل لوحة إنسانية نابضة. تزيّنت القاعة بأجواء إيجابية وحماسية، وترددت كلمات الشكر والثناء بين الحضور. شرطة دبي وفريق الروح الإيجابية أظهروا التزاماً واضحاً بدعم الجهود التطوعية، فيما حرص فريق “شكراً لعطائك” على أن تكون المناسبة أكثر من مجرد احتفال، بل نقطة انطلاق لمبادرات مستقبلية.

كلمة ختامية

انتهى الحفل برسالة جامعة: “العطاء إرث خالد، والعمل التطوعي هو الاستثمار الحقيقي في مستقبل الأوطان”. ما بين تكريم الشيخ سالم بن ركاض العامري لحضوره الداعم، ومنح الدكتور خالد السلامي وشاح عام المجتمع 2025، وتكريم أكثر من 300 متطوع، تجلت صورة الإمارات كدولة رائدة في غرس قيم التطوع والإنسانية.

لقد كان هذا الحدث علامة فارقة في مسيرة العمل التطوعي، وذكرى ستبقى حاضرة في قلوب كل من شارك فيها، ليؤكد مجدداً أن العطاء في الإمارات ليس حدثاً عابراً، بل هو نهج حياة راسخ.

 

آخر المقالات

آخر المقالات

المقالات

ذاكرة الغيوم – شيء يوقظ الحنين

الغيوم ليست مجرد مشهد عابر في السماء؛ إنها دفترٌ أبيض متحوّل، يمحو نفسه ويكتب نفسه من جديد. تنعكس فيها صور الحياة بألوانها، وتتماوج أشكالها كما تتماوج مشاعرنا. تحمل الغيوم ماءً من ماضٍ بعيد، وتسكبه في أرض جديدة، كأنها تحفظ ذاكرة لا تخصها وحدها، بل تخص الكون كله. ولعل أجمل ما فيها أنها عابرة، لا تمكث طويلًا، ومع ذلك تترك أثرًا من ظلّ، أو ندى، أو مطر. هكذا هي الذكريات أيضًا، تمرّ، تتبدّل، لكنها لا تختفي أبدًا من أعماقنا.

الغيوم لا تثبت على شكل واحد. تراها اليوم كتلة كثيفة غامقة، وغدًا كأطياف رقيقة تكاد تنحلّ في الهواء. هي في حالة دائمة من التشكل والتلاشي. كذلك هي الذاكرة: ما نتذكره لا يبقى ثابتًا، بل يتغير مع الزمن، مع مشاعرنا، مع إعادة قراءتنا للماضي. قد تكون ذكرى ما في لحظة عابرة حادة كالسحاب الداكن، ثم تعود في لحظة أخرى خفيفة كغيمة بيضاء. إنها تتنقّل بين الوعي واللاوعي كما تتنقل الغيوم بين السماء والريح.

الغيمة لا تُقيم طويلًا. هي عابرة، لكن أثرها يبقى. ربما ظلّها الذي ألقى برودته على المارّة، أو قطرات مطرٍ نزلت منها فغسلت وجه الأرض. كذلك هي اللحظات الإنسانية: عابرة، لكن أثرها باقٍ فينا. نظرة عابرة قد تغيّر مسار يومك، كلمة عابرة قد تنقش في روحك أثرًا لا يُمحى. العبور إذن ليس انقضاءً فارغًا، بل هو جوهر الوجود. فما معنى اللحظة لو لم تكن قابلة للرحيل؟

في الغيوم شيء يوقظ الحنين. ربما لأننا نعلم أنها لن تبقى، أو لأنها تحمل في داخلها وعدًا بمطر قد يأتي أو لا يأتي. الذكريات تشبه الغيوم أيضًا: ضبابية أحيانًا، غامرة بالوضوح أحيانًا أخرى. نتذكر شيئًا فنشعر كأنه يوشك أن ينهمر علينا بمطره من جديد. وربما لذلك، حين ننظر إلى السماء، نتذكر أشخاصًا أو أماكن أو لحظات رحلت، كما لو أن الغيوم مرآة لذاكرتنا الداخلية.

ليست الذاكرة فردية فقط، بل جماعية أيضًا. كما تتجمع الغيوم لتغطي السماء، تتجمع الذكريات لتشكّل ذاكرة الشعوب. كل مجتمع يملك سحبه الخاصة: صور، حكايات، أغانٍ، طقوس. هذه الذاكرة المشتركة تظلّ مظلّة نعيش تحتها جميعًا، نستظل بها حين يثقلنا الحرّ، ونستقي منها ماء المعنى حين يشتد الجفاف. ولعل وسائل التواصل الحديثة جعلت من الغيوم استعارة أدق: صور تتجمع، تتكدّس، تتحرك بسرعة، لكنها تظلّ تظلل وعينا الجمعي.

الغيوم تعلمنا أن لا شيء ثابت. هي درسٌ في التحوّل المستمر. في كل عبور غيمة فوق رؤوسنا، تذكير بأن الوجود نفسه في حالة حركة. لا شيء يدوم، لا الفرح ولا الحزن. لكن كلاهما يترك أثرًا مثلما تترك الغيوم أثر مطرها أو ظلها. وهنا يكمن جمال هشاشة اللحظة: في أنها لا تعود أبدًا كما كانت، بل تتحول إلى ذكرى، إلى صورة في الذاكرة، إلى غيمة جديدة.

حين نتأمل الغيوم ندرك أننا مثلها: لا نمكث على حال. نحن عابرون، لكن عابريتنا لا تعني أننا بلا أثر. كل كلمة نقولها، كل فعل صغير، مثل قطرة مطر قد تنبت في مكان بعيد. الغيوم تذكّرنا أننا لا نعيش لأنفسنا وحدنا؛ نحن نحمل أثرًا ونترك أثرًا. وربما في هذه الحقيقة يكمن معنى العطاء: أن نكون غيومًا صغيرة تترك مطرًا في طريق الآخرين.

في النهاية، الذاكرة والغيوم وجهان لحقيقة واحدة: كلتاهما عابرة، متحوّلة، لكنها تترك أثرًا خالدًا في قلوبنا وفي الأرض التي نعبرها. يبقى السؤال مفتوحًا: هل نملك نحن ذاكرتنا كما نملك النظر إلى الغيوم، أم أن الذاكرة تملكنا كما يملك الغيم سماءه؟

المقالات

عيد الأضحى… حين يهمس العيد للروح

في كل عام، يتسلل عيد الأضحى إلى أرواحنا على مهل… لا يأتي صارخًا ولا ضاجًا، بل يزحف برائحة الطمأنينة، بأنفاس الحجيج، وبتكبيرات القلب واللسان “الله أكبر الله أكبر” التي توقظ شيئًا قديمًا بداخلنا. شيء لا يُقال ولا يُفهم… لكنه يُحس.

العيد في جوهره ليس موعدًا في التقويم.
هو حدث داخلي.
انقلاب مفاجئ في مزاج القلب.
هو ذاكرة جماعية تنهض من سباتها وتعيد ترتيب الأولويات: الأسرة، اللقاء، الغفران، اللحوم على الفحم، قهوة “صباحية” تتشاركها مع من تفتقدهم طوال العام… والعين تلمع فقط لأن أحدهم قال: “مشتاقين”.

بعيدًا عن الزينة والمجاملات، أصل العيد يرتبط بإبراهيم.
ذاك النبي الذي نزل عليه العيد لا كفرحة… بل كاختبار.
تخيل عيدًا تكون فيه مطالبًا بأن تذبح ابنك، لا أن تلبسه.
أن تُسلم قلبك لا أن تفرشه بالورود.

ورغم صعوبة الصورة، فإن قصة إبراهيم تُعلّمنا أن العيد الحقيقي لا يولد من راحة… بل من تضحية.
وأن الفرح لا يكون مكتملاً إلا حين يتجاوز الفردانية، ويغدو مشاركة كونية في مشهد يتكرر منذ آلاف السنين: من مكة، إلى كل بيتٍ فيه سجادة صلاة ويد مرفوعة للسماء.

وكأنّ في العيد ترخيصًا رسميًا للحُنين.
فيه نعود أطفالاً، حتى وإن كبرنا.
نُلبس أبناءنا ملابس العيد، فقط لنتذكر كيف كنا.
نقف عند أبواب الجيران، لا لنأخذ العيدية، بل لنُعيد طقوسًا ظنناها اندثرت.

نشتري شوكولاتة غالية ليس من أجل الطعم، بل لنحاكي صندوق الضيافة القديم في بيت الجدة.
نركض لنُعيد ترتيب المجلس العربي، ونخرج المبخرة… رغم أن لا أحد يأتي أحيانًا.

أترانا نتمسك بالعيد، أم هو من يتمسك بنا؟
أظن أنه الاثنين معًا.

وفي عالمنا هذا المثقل بالأخبار السيئة، يأتينا العيد كعُطلة من الألم.
يقول لنا: انسَ قليلاً، وابتسم كثيرًا.
خذ من روحك شيئًا خفيفًا، واذهب لزيارة أُمك، أو صديق قديم لم تره منذ سنوات.

العيد لا يُريدك أن تكون مثاليًا، فقط صادقًا.
أن تغفر حتى إن لم تُشفَ.
أن تعطي حتى إن كنت لا تملك الكثير.

العيد فعل جماعي، لكنه أيضًا قرار فردي.
أن تختار أن تكون طيّبًا، في عالم لا يشجع على الطيبة.
أن تقف عند الباب، وتأخذ نفسًا عميقًا، وتقول: عيدكم مبارك… وإن كنت لا تعرف من خلف الباب جيدًا.

ومع انقضاء أيام العيد، شيءٌ من العيد يبقى بعد أن يذهب

ما يبقى من العيد ليس الصور، ولا حتى العيديات، بل تلك اللحظة التي شعرت فيها أنك لست وحيدًا في هذا العالم.
لحظة حضنك مع أخيك الذي غاب طويلًا.
ضحكتك مع أختك على موقف تافه في المطبخ.
صمتك مع والدك حين نظرتما إلى السماء بنفس اللحظة، دون أن تتحدثا.

هذا هو العيد.
ليس أكثر، وليس أقل.

 

كل عام وأنتم بخير،
كل عام وأنتم بشرٌ أكثر دفئًا، وقلوبٌ أكثر رحابة.
وكل عام، وأنتم تفتحون نوافذكم لا للتهوية فقط… بل لاستقبال نسمة تُشبه العيد.

 

Originally posted 2025-06-05 10:16:14.

المقالات

العيد بلا أحضان – هل غيّر السفر ملامح فرحتنا؟

مع اقتراب موعد عيد الأضحى، اعتادت مشاهد المطارات في دولة الإمارات أن تعجّ بالعائلات الحاملة حقائب السفر، تغادر قبل العيد بيوم أو يومين لقضاء الإجازة مع أسرتها الصغيرة خارج البلاد. ففي السنوات الأخيرة، برزت ظاهرة اجتماعية جديدة في المجتمع الإماراتي تتمثل في سفر العديد من الأسر إلى الخارج لقضاء عطلة عيد الأضحى مع الأسرة الصغيرة بعيدًا عن الوطن. فبعد أن كان عيد الأضحى يُعتبر مناسبة للتجمعات العائلية الموسعة وصلة الرحم، أصبح البعض يستغل إجازة العيد كفرصة للسفر والترفيه. وتحديدًا قبل موعد العيد بيوم أو يومين، تشهد المطارات حركة نشطة تعكس تزايد أعداد العائلات المغادرة لقضاء العيد في وجهات خارجية. ويثير هذا التحول اهتمام المراقبين لما له من تأثيرات على تقاليد العيد وروابط المجتمع.

هذه الظاهرة مرتبطة بتغير أنماط الحياة وتطلعات الأسر الشابة في الإمارات. فالكثير من العائلات باتت توازن بين الحفاظ على طقوس العيد التقليدية من جهة، ورغبتها في الاستفادة من عطلة العيد للسفر والاستجمام من جهة أخرى. ومع ازدياد الرفاهية وانفتاح المجتمع على العالم، أصبح السفر خلال العيد أمرًا شائعًا وخيارًا مفضلًا لدى فئات معينة. في الأقسام التالية نستعرض حجم انتشار هذه الظاهرة في عيد الأضحى بالأرقام، ثم نتناول دوافعها المختلفة، وتأثيرها على الطقوس الأسرية والدينية، إضافة إلى الآراء المتباينة حولها والفئات الأكثر إقبالًا عليها، وأخيرًا بعض المقترحات للتوفيق بين متعة السفر وقيم العيد.

انتشار الظاهرة خلال عيد الأضحى بالأرقام

تشير الإحصاءات الرسمية ووسائل الإعلام المحلية إلى أن عطلة عيد الأضحى باتت واحدة من أكثر مواسم السفر ازدحامًا في دولة الإمارات. فعلى سبيل المثال، كشفت الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب في دبي أن إجمالي عدد المسافرين عبر المنافذ الجوية في الإمارة خلال إجازة عيد الأضحى لعام 2024 (خلال الفترة من 15 إلى 18 يونيو 2024) بلغ أكثر من 562 ألف مسافر. وهذا الرقم الضخم خلال بضعة أيام يعكس بوضوح حجم الإقبال على السفر في هذا الموسم. كما سجل مطار أبوظبي الدولي في أحد الأعوام مرور حوالي 414 ألف مسافر خلال فترة عيد الأضحى ضمن إحصائية شملت شهري يوليو وأغسطس، ما يؤكد أن الظاهرة تشمل مختلف إمارات الدولة ولا تقتصر على دبي وحدها.

ولا يقتصر الأمر على الأرقام المسجلة، بل إن التوقعات والاستعدادات المسبقة تشير أيضًا إلى طفرة في حركة السفر خلال عيد الأضحى. فقد توقع مطار دبي الدولي استقبال أكثر من 3.7 مليون مسافر خلال فترة إجازة عيد الأضحى والمدارس في يونيو 2024، بمعدل حركة يومي يصل إلى نحو 264 ألف مسافر، وتوقع أن يصل العدد في أكثر الأيام ازدحامًا (22 يونيو) إلى قرابة 287 ألف مسافر في يوم واحد. هذه المؤشرات دفعت المطار وشركات الطيران إلى إطلاق حملات توعية للمسافرين لاتخاذ إجراءات مبكرة لتفادي الزحام وضمان سلاسة التنقل.

جدير بالذكر أن وزارة الخارجية والتعاون الدولي في الإمارات أيضًا رصدت جانبًا من هذه الظاهرة من خلال خدمة المواطنين في الخارج أثناء العيد. فقد أعلنت الوزارة أنها تلقت 3600 مكالمة وتعاملت مع 91 بلاغًا طارئًا خلال إجازة عيد الأضحى 2023 عبر نظام الطوارئ المخصص لمواطني الدولة بالخارج. وتعكس هذه الأرقام عدد المواطنين الإماراتيين الذين كانوا مسافرين خارج البلاد أثناء عطلة العيد واحتاجوا إلى الدعم أو المساعدة، مما يدل على الانتشار الواسع لسفر الأسر خلال العيد.

دوافع اجتماعية ونفسية واقتصادية للسفر في العيد

تتنوع الأسباب التي تدفع العائلات الإماراتية إلى السفر قبل عيد الأضحى لقضاء الإجازة في الخارج، وتتداخل فيها العوامل الاجتماعية والنفسية والاقتصادية بشكل معقد:

  • الرغبة في كسر الروتين وصنع ذكريات عائلية: يعتبر كثيرون أن إجازة العيد فرصة مثالية لكسر روتين الحياة اليومية وقضاء وقت نوعي مع أفراد الأسرة الصغيرة. السفر يتيح للأهل والأبناء خوض تجارب جديدة معًا وصنع ذكريات مميزة خلال مناسبة سعيدة. هذا الجانب النفسي – أي التطلع لقضاء وقت ممتع ومختلف – يعد دافعًا قويًا، خاصة للأسر الشابة التي ترغب في إدخال البهجة على أطفالها عبر السفر في عطلة العيد.
  • الاستفادة من طول الإجازة وتزامنها مع العطلة المدرسية: غالبًا ما تمتد إجازة عيد الأضحى لعدة أيام (قد تصل إلى أربعة أيام أو أكثر عند ربطها بعطلة نهاية الأسبوع)، وفي بعض السنوات تتزامن مع بداية العطلة الصيفية للمدارس. هذا التوقيت يغري العديد من الأسر باستغلال الفرصة للقيام برحلة قصيرة دون الحاجة لأخذ إجازات عمل طويلة. وتشير بيانات شركات السفر إلى أن معظم المسافرين في فترة العيد يفضّلون الرحلات القصيرة نسبيًا التي يمكن إنجازها خلال أقل من أسبوع، وذلك للتوفيق بين العطلة الرسمية والتزامات العمل أو الدراسة.
  • تجنب حرارة الصيف والبحث عن مناخ معتدل: يأتي عيد الأضحى أحيانًا في ذروة فصل الصيف بمنطقة الخليج، حيث ترتفع درجات الحرارة والرطوبة. لذا تلجأ الكثير من العائلات للسفر إلى وجهات تتمتع بطقس ألطف هربًا من حرّ الصيف. وقد تصدّرت الدول الأوروبية الباردة نسبيًا قائمة الوجهات المفضلة للإماراتيين في عطلة عيد الأضحى 2025، حيث ارتفعت الاستفسارات عن إجازات العيد إلى أوروبا بنسبة 40% مقارنة بالعام السابق. دول مثل سويسرا وفرنسا وألمانيا وغيرها تجذب المسافرين سعيًا وراء أجواء معتدلة ومعالم ثقافية خلال العيد. فهذا الدافع المناخي يلعب دورًا ملحوظًا في قرار السفر لدى من تسمح ظروفهم.
  • القدرة المادية والعروض السياحية: من الجانب الاقتصادي، لا شك أن القدرة المالية للأسر الميسورة تشجعها على السفر في أي فرصة تتاح، ومنها عطلة العيد. تكاليف السفر خلال الموسم قد تكون مرتفعة، لكن كثيرًا من العائلات الإماراتية تستطيع تحمل هذه النفقات وترى فيها استثمارًا في إسعاد الأسرة. كما أن وكالات السفر وشركات السياحة تروّج باقات خاصة لعطلة عيد الأضحى، مما يغري البعض بالحجز المسبق. وقد شهدت شركات السياحة في الإمارات زيادة بنحو 30% في الإقبال على باقات عطلات العيد مقارنة بالعام السابق، مع رواج العروض المتكاملة (طيران وفندق) كخيار اقتصادي ومريح للتخطيط السريع. هذه العوامل الاقتصادية تجعل قرار السفر أكثر سهولة وجاذبية لمن يمتلكون الإمكانات.
  • ضغوط التجمعات العائلية الكبرى: لا يمكن إغفال جانب اجتماعي آخر، وهو أن بعض الأسر الصغيرة قد تشعر بضغط أو عبء في الزيارات العائلية الموسعة والتزامات الضيافة خلال العيد. فترتيبات استقبال الضيوف أو زيارة عدد كبير من الأقارب في أيام محدودة قد تكون مرهقة للبعض. لذا يجدون في السفر ملاذًا للاحتفال بالعيد بشكل أكثر خصوصية وهدوء، بعيدًا عن التزامات البروتوكول الاجتماعي. هذا الدافع قد لا يُصرّح به علنًا، لكنه دافع ضمني لدى من يفضّلون قضاء العيد مع أفراد الأسرة الصغيرة فقط وفي أجواء بعيدة عن مجاملات المجتمع.

مجمل هذه الدوافع يفسّر لماذا أصبحت شريحة متزايدة من الأسر الإماراتية تميل إلى حزم الحقائب والتوجه إلى المطار قبيل يوم العيد. وبالطبع يختلف الوزن النسبي لكل دافع من عائلة لأخرى؛ فهناك من يغلب لديهم عامل المتعة والاستكشاف، وآخرون يعتبرون الأمر ضرورة للاسترخاء بعد عام من العمل، وغيرهم قد يكون السفر بالنسبة لهم عادة سنوية بغض النظر عن توقيت العيد.

تأثير السفر على شعائر العيد وتقاليده

يحمل عيد الأضحى في الثقافة الإسلامية والعربية طقوسًا وشعائر دينية واجتماعية عريقة، أبرزها شعيرة الأضحية وصلة الرحم وتبادل الزيارات العائلية. ظهور عادة السفر في إجازة العيد أثّر بشكل ملموس على ممارسة بعض هذه الطقوس بالشكل التقليدي المعتاد، ومن أهم التأثيرات في هذا السياق:

  • الأضحية (الذبيحة): يعد نحر الأضحية وتوزيع لحمها على الفقراء والأقارب من أعظم شعائر عيد الأضحى. في السابق كانت معظم الأسر الإماراتية تحرص على شراء الأضحية وذبحها صباح العيد بحضور أفراد العائلة، بما في ذلك الأطفال لتعليمهم رمزية هذه الشعيرة. أما مع سفر الكثيرين خارج الدولة أثناء العيد، فقد أصبح أداء هذه الشعيرة يجري بطرق مختلفة: بعض الأسر تكلف من ينوب عنها لشراء الأضحية وذبحها في الإمارات أو توكيل جمعيات خيرية للقيام بالمهمة نيابةً عنها، بينما قد يؤجل آخرون الأضحية أو يتصدقون بثمنها. هذا يعني أن الحضور الفعلي للعائلة في مشهد الأضحية بات أقل تكرارًا، ما قد يفقد الجيل الناشئ معايشة هذه التجربة الروحانية المهمة. كما أن غياب رب الأسرة عن بيته في العيد قد يمنعه من القيام بذبح الأضحية بنفسه، إلا إذا سافر وهو مطمئن لترتيب الأمر عن بعد.
  • صلاة العيد والتكبيرات: صباح يوم العيد يجتمع المسلمون لأداء صلاة العيد في المساجد والمصليات ويتبادلون التهاني بعدها. بالنسبة للمسافرين إلى الخارج، فإن إمكانية أداء صلاة العيد تعتمد على الوجهة وطبيعتها؛ فإن كانت الوجهة إسلامية أو تحوي جالية مسلمة كبيرة فقد يتاح حضور صلاة العيد في مسجد أو مصلى هناك، أما إن كانت الوجهة غير إسلامية فقد يجد البعض صعوبة في العثور على مكان للصلاة الجماعية، وربما يكتفون بأداء الصلاة فرادى في الفندق. بالتالي تقل المشاركة في الأجواء الجماعية لتكبيرات العيد وتبادل التهاني العفوية مع أبناء الوطن أو الجالية، مقارنة بما لو كانوا في الإمارات حيث المساجد تغص بالمصلين صبيحة العيد. هذا جانب ديني واجتماعي قد يفوت على المسافر رغم حرص البعض على عدم ترك الصلاة حتى ولو في الغربة.
  • التزاور وصلة الرحم: تقليديًا يعد يوم العيد وأيامه التالية فرصة ذهبية لصلة الأرحام؛ إذ تقوم العائلات بزيارات مكثفة بين الأبناء وآبائهم وأجدادهم، والأقارب والجيران يتبادلون الزيارات والتهاني. مع سفر العائلة الصغيرة للخارج، تنقطع عمليًا هذه الزيارات المباشرة. فالمغتربون في العيد يكتفون بالاتصالات الهاتفية أو مكالمات الفيديو لمعايدة أهاليهم من بعيد، وهو أمر على أهميته لا يعوّض دفء اللقاء الشخصي. غياب الأسرة عن موطنها يعني أن الأجداد والعموم والخوال لن يروا الأبناء والأحفاد في العيد، مما يقلل من التواصل العائلي الحميم المعتاد في هذه المناسبة. حتى تقليد توزيع العيدية (النقود كهدايا للأطفال) ضمن نطاق العائلة الكبيرة ربما يتأثر، إذ يقتصر على أفراد الأسرة المسافرة فيما بينهم بدل أن يشمل أبناء العمومة والأقارب كما جرت العادة.
  • الأجواء والمظاهر الاحتفالية المحلية: تتميز الأعياد في الإمارات ببهجة خاصة تظهر في تجمع الأسر بلباسها التقليدي، وموائد العيد العامرة بالأطباق الإماراتية، ولقاءات الأصدقاء والجيران في مجالس العيد، ناهيك عن فوالة العيد والقهوة والتمر التي تُقدّم للمعايدين طوال اليوم. الأسر التي تسافر لقضاء العيد في الخارج قد تفتقد هذه الأجواء المحلية الأصيلة، خاصة إذا كانت في بلد لا يحتفل بالعيد. فمهما حاولت الأسرة خلق أجواء احتفالية في الفندق أو الشقة التي تقيم فيها – كتجهيز حلويات أو ارتداء ملابس جديدة – يبقى الشعور مختلفًا عن الوطن حيث المجتمع كله يحتفل. كما أن الفعاليات العامة التي تُنظّم محليًا في العيد (كالمهرجانات والعروض التراثية والألعاب النارية) لن يحضرها من فضّلوا قضاء العيد بعيدًا.

باختصار، السفر خلال عيد الأضحى يعني غالبًا استبدال نمط احتفال جماعي تشاركي بنمط احتفال خاص محدود بأفراد الأسرة الصغيرة وفي ثقافة مختلفة. وهذا الاستبدال له أثره على ممارسة الشعائر والحفاظ على العادات المرتبطة بالعيد، سواء الدينية منها أو الاجتماعية. ورغم حرص بعض الأسر المسافرة على تعويض ما فاتها – كأن تقوم بالتصدق بثمن الأضحية، أو تنظيم لقاء عائلي قبل السفر أو بعد العودة – إلا أن الواقع يشير إلى تراجع ملموس في حضور تلك الأسر ضمن مشهد العيد المحلي بكل ما يحمله من معاني التواصل والتكافل.

الآثار السلبية على التواصل الأسري وقيم العيد

يترتب على ظاهرة سفر العائلات قبل عيد الأضحى جملة من الآثار الاجتماعية السلبية المحتملة، التي تثير قلق المهتمين بتماسك النسيج الأسري والمحافظة على القيم التراثية للمجتمع الإماراتي. من أبرز هذه الآثار:

  • فتور صلة الرحم وضعف التواصل بين الأجيال: حين تغيب الأسر الشابة عن قضاء العيد مع عائلاتها الممتدة، يفقد كبار السن (كالجد والجدة) فرصة الاجتماع بأبنائهم وأحفادهم في أيام مباركة اعتادوا رؤيتهم فيها. مع تكرار الأمر سنويًا، قد يشعر الجيل الأكبر بالعزلة النسبية في العيد، وتفقد اللقاءات العائلية حرارتها. صلة الرحم التي هي من أعظم القربات في العيد تتأثر سلبًا؛ وقد عبّر البعض صراحة عن رفضهم لمبدأ السفر في العيد لأنه يحرمهم تعزيز صلة الرحم وأداء واجب الزيارة والتهنئة للأهل والجيران. إن استمرار هذا النهج ربما يؤدي إلى اتساع الفجوة بين الأجيال، حيث يقل تعلّق الأطفال بعادات زيارة الأقارب والتعرف إلى أفراد عائلتهم الكبيرة، وينشأون على أن العيد مناسبة شخصية ضيقة النطاق بدل كونه رابطًا اجتماعيا جامعا.
  • تراجع الالتزام بالتقاليد والعادات الإماراتية: لكل مجتمع عادات جميلة يحرص عليها في الأعياد، وفي الإمارات هناك تقاليد راسخة كاجتماع أفراد الفريج (الحي) صبيحة العيد لتبادل التهاني، أو قيام كبار الأسرة بإعداد وليمة العيد التقليدية (كالمجبوس والبلاليط وغيرها) ودعوة الجميع إليها. غياب الكثير من الأسر للسفر يعني أن هذه المظاهر مهددة بالانحسار. القيم المرتبطة بالعيد مثل الكرم (استضافة الضيوف)، والتكافل (توزيع لحوم الأضاحي على المحتاجين والمعارف)، قد تضعف عمليًا مع قلة عدد من يمارسونها. حتى الاحتفال بالعيد كجماعة يتأثر: فبدل أن تتحول البيوت إلى محطات مفتوحة للاستقبال طوال أيام العيد، تصبح بعض الأحياء هادئة بشكل لافت لرحيل عائلاتها في الإجازة. هذا التغيّر ربما يجعل أجواء العيد العامّة أقل زخمًا مما كانت عليه، ويؤثر على إحساس الباقين بروح المناسبة.
  • فقدان الترابط المجتمعي في المناسبات الدينية: اعتاد المجتمع الإماراتي أن يكون العيد مناسبة لتعزيز الترابط المجتمعي عبر الزيارات واللقاءات الجماعية وصلاة العيد في الساحات. مع تنامي السفر في العيد، يقل التفاعل بين أفراد المجتمع في هذه المناسبة الجامعة. فقد تجد بعض الأسر التي بقيت محليًا نفسها دون جيران أو أصدقاء كثر حولها لمعايدتهم، لانشغال عدد كبير بالسفر. هذا قد يولد شيئًا من الحنين والافتقاد لأيام كان فيها الجميع يحتفل سويًا. وإذا اعتبرنا أن العيد فرحة جماعية كما هو المفترض، فإن تفرق الناس في وجهات شتى يعني بعثرة هذه الفرحة إلى فرحات فردية متناثرة. على المدى الطويل، قد تبهت الذاكرة الجمعية حول كيفية احتفال مجتمع الإمارات بالأعياد إن لم يتناقل الأبناء عن آبائهم تلك التجارب بسبب غيابهم المتكرر.
  • تعزيز النزعة الاستهلاكية والمظهرية: هناك من يرى أيضًا جانبًا سلبيًا آخر، يتمثل في أن السفر المتكرر في كل عيد قد يرسخ عند الأبناء نزعة مادية ومظهرية تجاه الأعياد. فبدلًا من تعلمهم معاني التضحية والتواضع وصلة الرحم في العيد، قد ينشأ في أذهانهم أن بهجة العيد لا تكتمل إلا برحلة فاخرة أو تسوّق وسياحة. هذا التحول في المفاهيم يثير مخاوف من تراجع البعد الروحي والتربوي للعيد، وتحوله إلى مجرد عطلة سياحية. ولا شك أن الإنفاق الكبير على السفر أثناء المواسم المباركة قد يُنظر إليه على أنه تفضيل للمتعة الشخصية على حساب أعمال الخير أو مشاركة المجتمع المحلي الاحتفال، مما يتعارض مع فلسفة العيد القائمة على الشكر والعطاء.

بطبيعة الحال، ليست كل أسرة مسافرة تقع بالضرورة في هذه السلبيات، فكثير من الأسر تحاول الموازنة كما سنرى لاحقًا. إنما تسليط الضوء على هذه الآثار مهم للتنبيه إلى ثمن اجتماعي وثقافي قد ندفعه إن أصبحت ظاهرة السفر في عيد الأضحى هي القاعدة السائدة وليست الاستثناء.

مواقف وآراء المجتمع تجاه الظاهرة

أثارت هذه الظاهرة نقاشات واسعة في المجتمع، وتباينت الآراء بين مؤيدين يرون الأمر حرية شخصية ومتعة مشروعة، ومعارضين يخشون تبعاتها على تماسك الأسرة والمجتمع. نعرض فيما يلي خلاصة بعض المواقف غير المنسوبة لأشخاص محددين ولكنها شائعة ومتداولة:

  • فريق المؤيدين (أنصار السفر): يرى هؤلاء أن السفر خلال إجازة عيد الأضحى حق طبيعي للأسرة الحديثة التي تبحث عن الترفيه والاستجمام بعد شهور من العمل والدراسة. برأيهم، لا تعارض بين الاستمتاع بإجازة العيد خارج البلاد والحفاظ على روحانية العيد؛ إذ يمكن للمسافر أن يؤدي الصلاة ويذكر الله وأن يتصدق ولو كان بعيدًا عن موطنه. ويؤكدون أن قضاء العيد مع الأسرة الصغيرة في أجواء سياحية جديدة يعزز الروابط بين الوالدين والأبناء ويخلق لحظات سعيدة تدوم ذكراها. بعضهم يشير إلى أن التقنية قلّصت المسافات؛ فبإمكانهم معايدة أهلهم عبر الاتصال المرئي وإرسال الهدايا من أي مكان. ويشددون على أن خيار السفر مسألة تفضيل شخصي لا ينبغي تحميله أكثر مما يحتمل، فهناك أسر ربما لا تربطها علاقات قوية بعائلاتها الكبيرة أو وزعت أفرادها بين بلدان متعددة، فتجد أن أفضل طريقة للاحتفال بالعيد هي مع من تعولهم وفي المكان الذي تختاره. كما يستشهد المؤيدون بأن العيد مناسبة للفرح والسفر أحد وسائل إدخال السرور للنفس، مستدلين بأن الكثير من المقيمين غير المواطنين أيضًا يستغلون العيد للسياحة، فلمَ يُلام المواطن إذا فعل ذلك؟ وبشكل عام، يتبنى هذا الفريق نظرة مرنة للعادات معتبرًا أن الأهم هو شعور الأسرة بالسعادة والراحة في العيد سواء أكانوا في بلدهم أم خارجه. بل ويذهب البعض للقول إن السفر مع أفراد العائلة المقربين لا يقل قيمة عن صلة الرحم، فهو شكل آخر للتقارب والتواصل وإن كان مختلفًا عن التقليد المعتاد. كذلك يلفت المؤيدون إلى جانب عملي وهو أن السفر أثناء العيد يخفف الازدحام على التجمعات المحلية ويوزع الكثافة، معتبرين أن المجتمع يتطور ولا بأس من تنويع طرق الاحتفال. ومن الأقوال المنتشرة في هذا الصدد: “الأهم أن نفرح بالعيد، أينما كنا” – أي أن البعد الجغرافي لا يجب أن يقيد احتفال الأسرة المصغرة بسعادتها الخاصة.
  • فريق المعارضين (أنصار البقاء وصون التقاليد): على الجانب الآخر، يعبّر كثيرون عن قلقهم من هذه الظاهرة ويرون فيها تهديدًا للقيم الأسرية والاجتماعية التي تميز عيد الأضحى. يجادل هؤلاء بأن العيد فرصة فريدة لاجتماع الشمل الأسري الكبير، وأن التفريط فيها بالسفر إلى وجهات بعيدة هو تفويت لمعانٍ عميقة لا تعوّض. يقولون إن الأعياد وجدت لتقريب الناس لا لتبعثرهم؛ فمهما كانت فوائد الرحلة السياحية مغرية، لن تصل قيمتها المعنوية إلى لحظة يصافح فيها المرء أبويه صباح العيد ويقبل رأسيهما، أو يجتمع على مائدة واحدة مع إخوته وأخواته. ويؤكدون أن السفر في وقت يمكن فيه أداء شعيرة دينية (مثل الأضحية) ومشاركة الفقراء والمحتاجين يعد نوعًا من تقديم اللهو على العبادة. لذا ينبّهون إلى أهمية التوازن وألا يتحول الاستثناء إلى عادة دائمة. كثير من المعارضين يعتبرون ظاهرة السفر في العيد انعكاسًا لسلبيات الحياة المعاصرة التي طغت فيها الفردية والمادية على حساب الجماعة والتراحم. ويتساءلون: إذا كنا حتى في العيد سننصرف كلٌ إلى وجهته الخاصة، فمتى سنلتقي كمجتمع؟ كما يشيرون إلى مخاطر تربوية بأن يكبر الأطفال ولديهم فهم مبتور للعيد – فهو عندهم رحلة ترفيه فقط – دون التعرف على قيم التضحية والصدقة وصلة الرحم من خلال الممارسة الفعلية. بعض الأصوات في هذا الفريق تدعو إلى تأجيل السفر إلى ما بعد أيام العيد على الأقل، بحيث يقوم الناس أولًا بواجباتهم الأسرية والدينية ثم يسافرون إن أرادوا بقية الإجازة. ويضربون أمثلة بمن اختاروا البقاء رغم الإغراءات، مثل من يقول: “أرفض فكرة السفر في إجازة العيد تمامًا، لأنها الفرصة الوحيدة لتعزيز صلة الرحم وغرس هذا الواجب في نفوس أبنائنا”. إجمالًا، ينطلق المعارضون من حرص على هوية المجتمع وتماسك الأسرة، ويرون أن التضحية ببضعة أيام إجازة دون سفر هي ثمن بسيط للحفاظ على روابطنا وعاداتنا الأصيلة.

بطبيعة الحال، هناك أصوات معتدلة تدعو إلى حلول وسط (سنذكرها في قسم المقترحات) وترى وجاهة في كلا الرأيين. لكن هذا العرض يُبيّن مدى الانقسام في النظرة إلى الظاهرة: بين من يركز على إيجابيات التجربة الفردية، ومن يهتم بتبعاتها الاجتماعية الطويلة الأمد. والحوار حول هذا الموضوع صحي ومطلوب للوصول إلى فهم أعمق لكيفية التوفيق بين التطور الاجتماعي والحفاظ على القيم.

الفئات الأكثر إقبالًا على السفر في العيد

عند الحديث عن ازدياد سفر العائلات الإماراتية قبل عيد الأضحى، لا بد من الإشارة إلى الفئات الاجتماعية التي تظهر فيها هذه الظاهرة بشكل أكبر. فمن خلال الملاحظات والبيانات المتاحة يمكن تمييز بعض السمات العامة للأسر الأكثر ميلًا للسفر في عطلة العيد:

  • الأسر الشابة وصغيرة الحجم: يبدو أن العائلات الإماراتية حديثة التكوين (الزوجان مع أطفال صغار) أكثر الفئات توجهًا لقضاء عيد الأضحى خارج الدولة. هذه الأسر الشابة عادةً ما تكون أكثر تحررًا من الالتزامات تجاه الأقارب مقارنة بالأسر الكبيرة الممتدة، وربما تكون أيضًا أكثر انفتاحًا على التجارب الجديدة والرغبة في السفر. كما أن الآباء والأمهات من الجيل الأصغر سنًا يميلون إلى إعادة تشكيل تقاليدهم الأسرية بطريقة تناسب نمط حياتهم؛ فإن لم يكن لدى أحد الزوجين والدان كبيران في السن مثلاً أو كانت العائلة الممتدة محدودة العدد، يصبح قرار السفر أسهل دون شعور قوي بالذنب أو الالتزام تجاه تجمع عائلي كبير. إضافة إلى ذلك، الأسر ذات الطفلين أو الثلاثة أسهل في التنقل من العائلات الكبيرة، ما يشجعهم لوجستيًا على حزم الأمتعة والانطلاق في كل عيد.
  • ذوو الدخل المرتفع والطبقة الميسورة: لا شك أن العامل الاقتصادي يلعب دورًا رئيسيًا. فالعائلات المقتدرة ماديًا والتي تنتمي للطبقة الوسطى العليا أو الغنية هي الأقدر على تحمل تكاليف السفر إلى الخارج بشكل منتظم في كل عيد. هذه الفئة ربما اعتادت أصلاً على السفر خلال الإجازات السنوية، وبالتالي لن يشكل عيد الأضحى استثناءً بل قد يكون جزءًا من خطة عطلاتهم السنوية. وتميل الوجهات التي يقصدونها إلى أن تكون بعيدة نسبيا أو فاخرة، فمثلًا سجلت وكالات السفر إقبالًا واضحًا من سكان الدولة على الوجهات الأوروبية والآسيوية خلال عيد الأضحى الأخير، وهي رحلات تتطلب ميزانية مرتفعة نسبيًا. كذلك نلاحظ أن الكثير من الأسر المسافرة تحجز رحلات تدوم من 8 إلى 10 أيام للاستمتاع بأكثر من مدينة، ما يعني امتلاكهم القدرة على تمويل إجازة مطوّلة. وعليه فإن الطبقة الميسورة أكثر تمثيلًا في هذه الظاهرة، بحكم توفر الموارد المالية والرغبة في نمط حياة عالمي.
  • الموظفون في قطاعات تسمح بإجازات مرنة: بجانب التركيبة العمرية والطبقية، هناك بُعد متعلق بطبيعة العمل. فالأشخاص الذين يعملون في جهات تمنح إجازات طويلة أو مرونة في إضافة أيام قبل/بعد العطلة (ككثير من موظفي الحكومة أو الشركات الكبرى) يسهل عليهم التخطيط للسفر. أيضًا من يمتلكون أعمالهم الخاصة أو يديرون شركات ربما يستطيعون اغتنام العيد للسفر دون عوائق وظيفية. وعلى النقيض، أصحاب الوظائف الحرجة أو من تقل إجازاتهم قد يضطرون للبقاء. لذا يمكن القول إن أصحاب المهن المريحة إجازيًا من الفئات الأكثر سفرًا وقت العيد.
  • المقيمون بعيدًا عن عائلاتهم الممتدة: تجدر الإشارة إلى أن مجتمع الإمارات يضم نسبة كبيرة من المقيمين الوافدين الذين يعتبرون الإمارات وطنهم الثاني. هؤلاء أيضًا كثيرًا ما يسافرون في الأعياد، إما لزيارة أوطانهم وأسرهم هناك أو للسياحة. وبالنسبة للأسر الإماراتية، فإن من كان منهم يعيش بالفعل بعيدًا عن ذويه (لظروف العمل أو الإقامة خارج مسقط رأسه) ربما لا يشعر بفرق كبير بين البقاء والسفر، فقرر استغلال العيد للترفيه. على سبيل المثال، عائلة إماراتية تقيم في أبوظبي وأقاربها كلهم في إمارة أخرى أو خارج البلاد أصلاً، ستكون أكثر قابلية لأن تقرر السفر في العيد طالما أنها في كل الأحوال لن تتمكن من الاجتماع بأقاربها بسهولة. هذه الحالات تعزز اتجاه السفر كونه لا يقطع صلة كانت موصولة أساسًا بسبب بعد المسافات.

بطبيعة الحال، تبقى هذه ملامح عامة وليست قواعد صارمة. فقد نجد أسرًا شابة ميسورة تفضّل البقاء للاحتفال مع الجد والجدة، بالمقابل ربما هناك أسر كبيرة العدد لكنها تخطط لسفر جماعي خلال العيد. ومع ذلك، تساعدنا هذه المؤشرات في فهم من يقود هذه الظاهرة: جيل جديد نسبيًا يتمتع بإمكانات مادية جيدة ونظرة مختلفة للأعياد. وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن إحصاءات شركات السياحة تظهر أن حوالي 60% من المسافرين خلال عطلات العيد يسافرون برفقة عائلاتهم، مقابل نسبة صغيرة تفضل السفر الفردي أو مع الأصدقاء، ما يعني أن وحدة الأسرة النووية هي قلب هذه الظاهرة ومحركها الأساسي.

حلول ومقترحات للتوفيق بين السفر وقيم العيد

أمام تنامي ظاهرة سفر العائلات في عيد الأضحى وما تحمله من إيجابيات وسلبيات، يبرز تساؤل مهم: كيف يمكن التوفيق بين رغبة الأسر في السفر والاستمتاع بالإجازة من جهة، وبين الحفاظ على قيم العيد وتقاليده من جهة أخرى؟ فيما يلي بعض الحلول والمقترحات التي طُرحت في هذا السياق بشكل بناء:

  • التخطيط المرن للإجازة: بدلًا من السفر طيلة فترة العيد، يُقترح أن تقوم الأسر بموازنة زمنية؛ كأن تقضي اليوم الأول من العيد في الوطن لصلاة العيد ولقاء الأقارب وتوزيع الأضحية، ثم تسافر في اليوم التالي لبقية الإجازة. بهذه الطريقة يجمعون بين أداء الواجب الاجتماعي والديني وبين الترفيه السياحي. وإن تعذّر ذلك بسبب بعد الوجهة المختارة، فربما يمكن العودة قبل انتهاء العطلة لقضاء آخر أيام العيد مع العائلة الكبيرة. المرونة في توقيت السفر تضمن عدم الانقطاع الكامل عن أجواء العيد المحلية.
  • إشراك العائلة الكبيرة في التخطيط: من الحلول الوسط أيضًا محاولة تنسيق سفر جماعي يضم عدة أفراد من العائلة الممتدة إن أمكن. فبدل أن تسافر كل أسرة صغيرة وحدها، يمكن التخطيط لأن تجتمع عدة أسر مرتبطة (مثلاً الإخوة مع عائلاتهم ووالديهم) في وجهة سياحية واحدة ويقضون العيد سويًا هناك. هذا المقترح قد لا يكون سهلًا دائمًا، لكنه يحقق فكرة صلة الرحم في العيد ولو خارج الحدود. على الأقل، إن لم يكن السفر الجماعي ممكنًا، يمكن التشاور مع كبار العائلة قبل اتخاذ قرار السفر لإشعارهم بالتقدير؛ وربما الاتفاق على تجمع بديل قبل السفر بأيام للمعايدة المسبقة.
  • الحفاظ على الشعائر عن بُعد: ينبغي توعية الأسر المسافرة بأهمية ألا يؤدي سفرها إلى ترك شعائر العيد. فمثلاً يمكنهم التنسيق المسبق لأداء الأضحية عبر الجهات الخيرية الإلكترونية التي تذبح وتنوب عنهم في بلدهم أو في البلدان الفقيرة، وبذلك يضمنون القيام بالنسك وتوزيع الصدقة ولو كانوا غائبين. كذلك الحرص على إيجاد مصلى عيد في الوجهة إن كانت إسلامية، أو على الأقل أداء صلاة العيد جماعة داخل الأسرة في مقر الإقامة إذا تعذر حضور تجمع عام. الحفاظ على هذه الشعائر يذكّر الأطفال خصوصًا بأن ما زال هناك جانب تعبدي مميز لهذا اليوم حتى وهم في السفر. أيضًا يمكن حمل لباس العيد التقليدي وارتداؤه صباح العيد ولو كانوا في الخارج، لربط الأبناء بجذورهم الثقافية أثناء الاحتفال. هذه التفاصيل الصغيرة تساعد في عدم ذوبان هوية العيد أثناء الرحلة.
  • تعزيز التواصل الافتراضي مع الأهل: صحيح أن اللقاء الشخصي لا بديله، ولكن بما أن التقنية متاحة، فمن المستحسن أن تحرص الأسر المسافرة على تكثيف التواصل مع عائلاتهم في أيام العيد عبر الهاتف والفيديو. يمكن ترتيب مكالمة جماعية تشمل الأقارب جميعًا في صباح العيد لتبادل التهاني ورؤية بعضهم البعض عبر الشاشات، وإشراك الأطفال في ذلك ليعرفوا أقاربهم. بعض العائلات تنسق لتبادل صور ومقاطع فيديو للمعايدة وتوثيق لحظات العيد سواء في الوطن أو في السفر، بحيث تبقى المشاعر متبادلة. هذا التواصل الرقمي يقلل شعور الافتقاد ويظهر الاهتمام رغم البعد الجغرافي.
  • إحياء العيد في الوجهة قدر الإمكان: نقترح أيضًا أن تعمل الأسر المسافرة على خلق أجواء عيدية خاصة بها في الوجهة السياحية. يمكنهم التحضير مسبقًا ببعض الديكورات البسيطة أو الحلويات الإماراتية للعيد وأخذها معهم، أو اصطحاب هدايا صغيرة ليفاجئ الوالدان بها الأطفال صباح العيد كما يفعلان في البيت. ولو تواجد مسجد أو مركز إسلامي في المدينة التي يزورونها، قد يبادرون للمشاركة في أي فعالية عيد تقام هناك، ما يشعرهم بجو جماعي. إن الشعور بروح العيد يمكن الحفاظ عليه حتى خارج الوطن ببعض المبادرات الذاتية، فلا يكون السفر مبررًا لإهمال خصوصية المناسبة.
  • اختيار أوقات سفر بديلة: حل جذري آخر، وهو التفكير في عدم جعل السفر عادة ملازمة لكل عيد. فربما تقرر الأسرة أنها ستسافر في إجازة الصيف مثلًا لكن ستقضي عيد الأضحى هذا العام في الإمارات مراعاةً للعائلة، والعام المقبل يمكنها السفر وهكذا بالتناوب. هذه الموازنة في السنوات قد تكون مرضية لجميع الأطراف؛ فيشعر الأهل أن أبناءهم حرصوا على قضاء العيد معهم في بعض السنوات، وفي أخرى يحصل الأبناء على رحلتهم المنشودة. المهم هنا هو عدم القطع التام للتقاليد، بل إدخال السفر كتغيير بين الحين والآخر وليس كقاعدة دائمة لكل عيد.
  • زيادة جاذبية الاحتفالات المحلية: على مستوى أوسع، يمكن للجهات المعنية بالثقافة والسياحة الداخلية أن تعمل على تنظيم فعاليات جذابة خلال عيد الأضحى تستقطب العائلات لقضائها داخل الدولة بدلًا من السفر. فمثلاً توفير مهرجانات عائلية وتخفيضات للمنتجعات والفنادق المحلية في العيد، أو أنشطة ترفيهية وتراثية للأطفال، قد يشجّع البعض على البقاء للاستمتاع بها. كذلك حملات إعلامية تبرز جمال قضاء العيد بين الأهل والجيران ربما تذكّر الناس بما يفوتهم إذا غادروا. هذه الخطوات قد توازن إغراء السفر وتجعل خيار البقاء لقضاء عيد أضحى محلي خيارًا منافسًا وممتعًا أيضًا للعائلات الشابة.

بالطبع، تطبيق هذه المقترحات طوعي ويعتمد على قناعة الأسر وأولوياتها. الهدف منها هو إيجاد نقطة وسط تضمن ألا نخسر روح العيد في زحام صالات السفر، وأن يبقى العيد مناسبة تحمل البهجة والألفة معًا. فالسفر ممتع ومثري ولا شك، لكن المتعة الكبرى للعيد تكتمل بمشاركة الفرحة مع الأحبة وصون القيم والعادات التي ورثناها جيلاً بعد جيل.

 

في الختام، تظهر ظاهرة سفر العائلات الإماراتية إلى الخارج قبل عيد الأضحى كصورة من صور التغير الاجتماعي في العصر الحديث، حيث تسعى الأسر إلى تحقيق التوازن بين متطلبات الحياة العصرية وواجباتها الاجتماعية. فلا شك أن السفر في العيد يحمل جانبًا إيجابيًا يتمثل في الترفيه وتقوية الروابط الأسرية الصغيرة عبر التجارب المشتركة، وكذلك الاستفادة من عطلة رسمية للاسترخاء واكتشاف أماكن جديدة. وفي الوقت نفسه، علينا ألا نغفل عن الجانب الآخر المتمثل في تآكل بعض الممارسات التقليدية وضعف التواصل العائلي الأوسع إذا ما استسلمنا تمامًا لتيار السفر كل عيد.

إن عيد الأضحى في جوهره مناسبة دينية واجتماعية فريدة تختزل معاني التضحية والتراحم والتكافل. ومن مسؤوليتنا كمجتمع أن نضمن بقاء هذه المعاني حيّة في نفوس الأجيال القادمة. التحدي الحقيقي يكمن في إيجاد مساحة لكل من التطور والتقاليد: أن نكون قادرين على مواكبة أسلوب الحياة الحديث، دون أن نفرط في جذورنا وهويتنا الثقافية. وفي هذا السياق، يبدو الحل الأمثل هو الاعتدال؛ بحيث تُلبى رغبة السفر والاستجمام دون أن تصبح على حساب صلة الرحم وصلة الإنسان بمحيطه الاجتماعي.

في المحصلة، يظل القرار لكل أسرة وفق ظروفها وما تراه أنسب لها. لكن الوعي بتبعات الظاهرة ونقاشها بشكل صريح – كما فعلنا في هذا المقال – هو خطوة مهمة نحو تحقيق التوازن المنشود. فإذا استطعنا جعل عطلة العيد خارج البلاد تجربة لا تلغي فرحة العيد في الديار، نكون قد نجحنا في التوفيق بين عالمين، وجمعنا أفضل ما فيهما لأجل مستقبل أكثر تناغمًا للأسرة والمجتمع الإماراتي ككل.

Originally posted 2025-06-03 15:17:56.

المقالات

افعل أقل… لتنجز أكثر

قراءة في كتاب “الشيء الوحيد” – غاري كيلر

هل سبق لك أن أنهيت يومك بإحساس أنك كنت مشغولًا منذ الصباح، ومع ذلك لم تُنجز شيئًا فعليًا؟ أن تنظر إلى قائمة مهامك، وتجد أنك تحركت كثيرًا… لكن لم تتقدّم؟ هذا الإحساس منتشر، مألوف، لكنه مرهق. والسبب غالبًا ليس في قلة الجهد، بل في كثرة الاتجاهات.

في كتابه الشيء الوحيد، يطرح غاري كيلر سؤالًا بسيطًا، لكن جوابه يغير قواعد اللعبة:

ما هو الشيء الوحيد الذي، إن فعلته، سيجعل كل شيء آخر أسهل أو غير ضروري؟

بهذا السؤال يبدأ كيلر رحلة التخلّص من التشتت، والانشغال الزائف، والعمل المبعثر. يوضح كيف أن التركيز على “الشيء الوحيد” في كل جانب من جوانب حياتك، ليس فقط يرفع إنتاجيتك، بل يحررك من الضغط، ويساعدك تخلق إنجاز حقيقي له وزن وتأثير.

هذا ليس كتابًا عن إنجاز كثير، بل عن إنجاز المهم. ليس عن أن تعمل أكثر، بل أن تعمل أقل… لكن في الاتجاه الصحيح. هذا المقال يأخذك في جولة داخل أفكار كيلر، كيف يكسر فكرة تعدد المهام، ويعيد ترتيب حياتك حول محور واحد واضح، بسيط، لكنه جوهري.

جاهز تترك الضجيج؟ وتسمع صوت الشيء اللي فعلًا يستحق وقتك؟ لنبدأ.

غاري كيلر: حين يتحوّل التركيز إلى استراتيجية

قبل أن يكتب كتابه الشهير، كان غاري كيلر رجل أعمال ناجحًا في مجال العقارات، أسس واحدة من أكبر الشركات العقارية في أمريكا. لكنه وسط هذا النجاح، اكتشف حقيقة مفاجئة: كلما حاول أن يفعل أكثر، أنجز أقل.

ضغط المواعيد، الاجتماعات، والمهام المتراكمة جعلته مشغولًا بشكل دائم، لكن النتائج لم تكن على مستوى الجهد المبذول. ومن هنا بدأ يسأل نفسه:

هل هناك طريقة للتركيز أفضل؟ هل كل ما أفعله ضروري فعلًا؟ أم أن بعضه مجرد استنزاف للطاقة؟

هذه الأسئلة كانت بداية كتاب الشيء الوحيد. كتاب لا يُشبه كتب الإدارة المعقدة، ولا يقدّم وصفات جاهزة. بل يقدّم فكرة واحدة فقط، لكنها قوية بما يكفي لتغيّر طريقة تفكيرك بالكامل.

الكتاب مبني على مبدأ بسيط جدًا: لا تُحاول أن تفعل كل شيء، بل ركّز على أهم شيء فقط. كل فصل يدور حول فكرة أن الإنتاج الحقيقي لا يأتي من تعدد المهام، بل من التكرار المركّز، والمضيّ في اتجاه واضح بلا تشتت.

بعيدًا عن التنظير، يقدّم كيلر أدوات عملية، وأسئلة محددة تساعد القارئ على تحديد الأولويات، وترتيب حياته، ليس فقط في العمل، بل حتى في الصحة، العلاقات، والأهداف الشخصية.

الشيء الوحيد ليس كتابًا تقرأه مرة وتنتهي، بل أداة تعود لها كلما شعرت أن يومك مزدحم بلا إنجاز، وكلما فقدت الوضوح. هو دعوة للعودة إلى الأساس… والتخلص من الفوضى.

فكّر أقل… قرّر بدقة: جوهر أفكار “الشيء الوحيد

كتاب الشيء الوحيد يبدو بسيطًا، لكن تحت هذا العنوان الهادئ توجد منظومة تفكير تهدم المفاهيم المعتادة حول النجاح، وتبني مكانها عقلية جديدة: التركيز بلا رحمة. غاري كيلر لا يقدم نصائح مبعثرة، بل يدور حول فكرة مركزية: كل إنجاز عظيم بدأ بتركيز على شيء واحد، ثم تبِعتْه الأشياء الأخرى كقطع دومينو.

تعدد المهام = وهم الإنتاجية

الفكرة الأولى التي يهاجمها كيلر هي ما يسمّى بـ”تعدد المهام”. نحن نحب أن نبدو مشغولين: نرد على بريد إلكتروني أثناء المكالمة، نكتب ملاحظات ونحن نحضر اجتماعًا، ننتقل من مهمة لأخرى كل خمس دقائق. لكن كيلر يقول:

كل مرة تغيّر تركيزك، تخسر طاقة، وقت، وفعالية.

الدماغ لا يعمل في مسارات متوازية، بل يقفز ذهابًا وإيابًا، وفي كل قفزة، شيء يُهدر.

اسأل نفسك: ما هو الشيء الوحيد؟

السؤال المحوري في الكتاب ليس شعارًا، بل أداة. كلما واجهت مهمة، أو هدف، أو حتى يوم عادي، اسأل:

ما هو الشيء الوحيد الذي، إن فعلته الآن، سيجعل كل شيء آخر أسهل أو غير ضروري؟

هذه الجملة تحمل مفاجأة: ما تفعله اليوم ليس مجرد مهمة، بل بوابة لما بعدها. إذا اخترت المهمة الصح، الباقي يسقط تلقائيًا.

تأثير الدومينو: إنجاز صغير يقود إلى إنجاز أكبر

تخيل صفًا من أحجار الدومينو، كل واحدة تُسقط التالية. كيلر يستعمل هذا المثال ليشرح كيف أن التركيز على مهمة واحدة، بحجم صغير، يمكن أن يقودك نحو تغييرات أكبر مما تتخيل.

ابدأ بشيء صغير، لكن ركّز عليه بشراسة.

النتائج لا تأتي دفعة واحدة، بل تتراكم بثبات.

النجاح يحتاج تنظيم لا إرادة

غالبًا نظن أن النجاح يعتمد على قوة الإرادة. كيلر يقول العكس:

لا تعتمد على نفسك في كل لحظة، بل صمّم بيئة تدعم تركيزك.

جدولك، مكان عملك، الأشخاص من حولك… كل شيء يجب أن يخدم الشيء الوحيد. الإرادة وحدها تنفد. النظام يبقى.

اللازم ترفض أشياء… مش توافق على كل شيء

عشان تقول “نعم” لشيء مهم، لازم تقول “لا” لعشرات الأشياء. التشتت يبدأ بالقبول بكل شيء جيد، لكنه يُبعدك عن الشيء الممتاز.

التركيز الحقيقي مؤلم، لأنه يجبرك تترك ما تحب، لأجل ما تحتاج.

كل هذه الأفكار تقودك لنقطة واحدة:

النجاح مو بكثرة اللي تسويه، بل باختيارك الجيد لما يجب أن تسويه.

من الفكرة إلى الفعل: تطبيق “الشيء الوحيد” في حياتك اليومية

فهم الأفكار جميل… لكن التحوّل يبدأ عند التطبيق. كتاب الشيء الوحيد لا يُقرأ لمجرد الإلهام، بل يُستخدم كخريطة. غاري كيلر لا يقدّم فلسفة، بل نظام يومي لتعيد به ترتيب حياتك، وتوجه طاقتك نحو ما يهم فعلاً. وهنا بعض الطرق العملية لتطبيق الكتاب في حياتك، خطوة بخطوة.

ابدأ كل يوم بسؤال واحد

قبل أن تفتح بريدك، أو تطالع هاتفك، اجلس لحظة واسأل نفسك:

ما هو الشيء الوحيد الذي إذا أنجزته اليوم، سيجعل كل ما بعده أسهل أو غير ضروري؟

اكتب الإجابة. لا تكتب عشرين مهمة. فقط واحدة. ثم رتّب يومك حولها.

احجز وقتًا مقدّسًا للتركيز

كلنا عندنا لحظات صفاء – ساعات نشعر فيها أننا نقدر ننجز بتركيز عميق. كيلر يسميها الوقت المحمي.

  • احجز ساعتين كل صباح (أو وقتك الذهبي).
  • اغلق الإشعارات، تجاهل المكالمات، وانقطع عن المقاطعات.
  • استثمر هذا الوقت في الشيء الأهم… فقط.

قل “لا” بصوت واضح

واحدة من أقوى التمارين: تعلم أن تقول لا لكل شيء لا يخدم الشيء الوحيد.

  • مشاريع جانبية؟ لا.
  • مهام لا تهم؟ لا.
  • اجتماعات بلا هدف؟ لا.

ليس لأنك سلبي… بل لأنك تركّز.

حوّل العادات إلى روتين يومي

غاري كيلر يقول إنك لا تحتاج لطاقة خارقة. فقط انضباط صغير، مستمر.

  • حدد “الشيء الوحيد” أسبوعيًا ويوميًا.
  • استخدم دفتر صغير أو تطبيق بسيط.
  • تابع التقدم أسبوعًا بعد أسبوع.

ابنِ بيئتك حول تركيزك

إذا كان بيتك أو مكتبك أو حتى علاقاتك تُشتّتك، فلن تستطيع الاستمرار. لذلك:

  • اختر مكانًا تُنجز فيه بدون فوضى.
  • قلّل عدد الأشخاص اللي يسحبونك بعيد عن هدفك.
  • رتّب أدواتك لتخدم إنجازك، مش تملأ وقتك.

قسّم هدفك الكبير إلى دومينو صغيرة

عندك مشروع ضخم؟ لا تواجهه دفعة واحدة. بل اسأل:

“ما هو أول دومينو صغير يمكنني إسقاطه اليوم؟”

ابدأ بذلك فقط. بعده يأتي التالي، بدون ضغط.

والأهم: سامح نفسك إذا ضعفت… وارجع

التركيز مهارة، والانضباط يتذبذب. عادي تتشتت، تنسى، تفشل. كيلر نفسه يقول:

النجاح لا يعني عدم الانقطاع، بل العودة بسرعة.”

لماذا “الشيء الوحيد” يعمل فعلًا؟ نقاط قوة لا يمكن تجاهلها

مش كل كتاب تطوير ذاتي يترك أثر. كثير منها يحمّسك لحظة، وينطفئ بعد يومين. لكن الشيء الوحيد مختلف. السبب؟ إنه كتاب يعرف ما يريد أن يقوله، ويكرّره حتى يلتصق فيك. غاري كيلر لا يحاول إبهارك، بل يزرع فيك عادة جديدة. وهذه أبرز نقاط القوة اللي خلّت الكتاب يعلّق في عقول الناس ويدخل جداولهم:

مركّز مثل فكرته

الكتاب نفسه يُطبّق فكرته: كل فصل، كل جملة، كل مثال يخدم “الشيء الواحد“. ما في حشو، ما في تفرّع بلا معنى. تشعر كأن الكاتب يقول: “أنا لن أشتتك… سأدرّبك على العكس تمامًا.”

سهل تقراه… وسهل تطبّقه

بعض الكتب تحتاج ترجمة داخل رأسك. هذا لا. اللغة بسيطة، الأمثلة حقيقية، الفكرة واضحة. ما تحتاج تفلسف عشان تفهم، بس تحتاج شجاعة عشان تبدأ. ما في تمارين معقدة ولا جداول صارمة. فقط سؤال واحد يتكرر، يعلّمك كيف تعيش مركزًا.

يمشي مع أي شخص… في أي مرحلة

طالب، موظف، مستقل، صاحب مشروع، حتى ربة منزل… الكل يقدر يطبق الفكرة. لأن كل شخص عنده “شيء واحد” مختلف، والكتاب لا يفرض عليك نوعه، بس يعلمك كيف توصله وتشتغل عليه.

يناسب عصر التشتت الرقمي

إحنا نعيش وسط إشعارات، مهام، اجتماعات، طلبات… وكل شيء يصرخ “أنا مهم”. كيلر يعطيك أداة مقاومة: لا تسمح للأشياء العاجلة أن تسرق وقت الأشياء المهمة.” في زمن كثرة الخيارات، يعطيك دليلًا للوضوح.

يجمع بين الفلسفة والتكتيك

ما هو كتاب تنظير بس، ولا هو قائمة تعليمات جافة. يجعلك تفكر، ثم تتحرك. يفهم مشاعرك، ثم يقدّم لك خطة. يحمّسك، بس يعلّمك كمان كيف تحافظ على الحماس.

يقنعك دون صراخ

الكتاب لا يُجبرك. لا يُشعرك بالذنب. بل يُقنعك بهدوء أن العيش بطريقة أقل… قد يكون الطريقة الوحيدة للعيش بتركيز حقيقي. ما في وعود سحرية، بس في تغيير جذري يبدأ بخطوة واحدة فقط.

النهاية؟

“الشيء الوحيد” ما يحتاج أن يكون أعظم كتاب كتب في التاريخ… هو فقط يحتاج أن يكون الدفعة اللي تغيّر طريقة يومك. وهذا وحده كفيل بأنه يبقى معك أكثر من كتب كثيرة أكبر حجمًا.

هناك دائمًا شيء واحد… غيّره، وسيتغيّر كل شيء

في قلب الفوضى، في زحمة المهام، في ضوضاء “يجب أن أفعل”، هناك سؤال صغير، هادئ، لكن قوي جدًا…

ما هو الشيء الوحيد الذي، إن فعلته الآن، سيجعل كل شيء آخر أسهل… أو غير ضروري؟

هذا ليس مجرد تمرين ذهني، بل أسلوب حياة. “الشيء الوحيد” ليس كتابًا لتنجز أكثر، بل لتنجز بوعي. لتكفّ عن الركض في كل اتجاه، وتبدأ المشي بثبات في اتجاه واحد.

النجاح، كما يراه غاري كيلر، لا يبدأ في جدول مزدحم، ولا في مهارات خارقة، بل يبدأ في قرار بسيط: أن تعرف ما يهم، وتركّز عليه بلا تشتت.

هل هذا سهل؟ أبدًا. لأن قول “لا” أصعب من قول “نعم”. لأن التركيز يحتاج شجاعة، أكثر من الجهد. لأن مقاومة الملهيات اليوم، أشبه بمواجهة إعصار.

لكن النتيجة؟ واضحة. راحة ذهنية. أثر فعلي. حياة أخف… لكن أعمق.

ابدأ اليوم. لا تخطط للأسبوع كامل. فقط اختر شيء واحد مهم… وافعله.

ثم غدًا؟ شيء واحد جديد.

وهكذا، دومينو صغيرة… تُسقط جبالًا.

ما هو الشيء الوحيد الذي تحتاجه الآن؟

ربما هذا السؤال وحده… هو البداية.

Originally posted 2025-05-31 15:03:23.

المقالات

حين يكون الجرح داخليًا… لا يُشفى بالمسكنات

هل شعرت من قبل أن الألم الذي تعيشه لا يعرفه الطبيب؟ أن التعب ليس فقط في الجسد، بل في شيء أعمق… في النفس التي سكتت طويلًا؟ كثيرون يزورون العيادات، يشترون الأدوية، يجرّبون كل علاج خارجي، لكنهم ينسون أن بعض الجراح لا تُرى، وأن بعض الألم لا يُخفّف إلا حين نلتفت للداخل.

في كتابها الشفاء من الداخل، لا تعِدنا لويس هاي بحلول سريعة ولا بوصفات سحرية، بل تدعونا إلى رحلة صادقة نحو التصالح مع النفس، والصفح عن الماضي، والاستماع لصوت الجسد الذي تعب من حمل المشاعر المكبوتة.

هي لا ترى المرض مجرد خلل في عضو، بل نتيجة تراكم أفكار، ومشاعر دفنّاها تحت طبقات من التظاهر والتجاهل.

تُقدّم لويس هاي فلسفة بسيطة لكنها عميقة: عندما نُحب أنفسنا كما نحن، ونغفر، ونغيّر الطريقة التي نتحدث بها داخل عقولنا، يبدأ الجسد في التخلّص من ألمه.

الكتاب ليس طبيًا، ولا يعارض الطب، لكنه يكمل الناقص: الجانب النفسي-العاطفي من الشفاء، الذي يهمله كثير من الناس… وهو في الحقيقة البداية الحقيقية لأي علاج.

هذا المقال يأخذك داخل صفحات هذا العمل الهادئ، لنتعلّم سويًا كيف يمكن لكلمة، لفكرة، لتأمل صادق، أن يفتح بابًا مغلقًا منذ سنوات داخلنا. لأن الشفاء أحيانًا… لا يحتاج أكثر من أن نسمح له أن يبدأ.

من الكسر إلى النور: من هي لويس هاي وما سر كتابها؟

لويس هاي لم تكتب عن الشفاء من برج عاجي، بل كتبت من مكان عرفت فيه الألم جيدًا. طفولة قاسية، إساءة جسدية ونفسية، شباب مضطرب، ثم مرض السرطان. كل هذا شكّل خلفيتها، لكن الأهم… أنها لم تقف عند الألم.

اختارت أن تنظر إلى الداخل. تساءلت: هل الجسد وحده يمرض؟ أم أن الفكر، إن كان سامًا، يرسل المرض إلى كل مكان؟

من هذه الرحلة خرج كتابها الشهير الشفاء من الداخل، أو كما يُعرف في نسخته الإنجليزية بـ You Can Heal Your Life.

الكتاب حقق مبيعات بعشرات الملايين، تُرجم لعشرات اللغات، لكنه لم ينتشر لأنه فقط “جيد”، بل لأنه لمس الناس في أماكن لا يصلها الطب ولا التحفيز التقليدي.

الكتاب ليس طبيًا، ولا يعارض العلاج العلمي، بل يركّز على العلاقة بين النفس والجسد، ويعرض كيف أن الأفكار السلبية، الذنب، الغضب، والخوف… كلها تُخزَّن داخلنا، وتظهر على هيئة تعب جسدي، أو أمراض عضوية، أو حتى انهيارات صامتة لا نعرف كيف نُسميها.

لويس هاي تقترح فلسفة بسيطة:

“عندما تغيّر طريقة حديثك مع نفسك… تبدأ في التخلّي عن الأذى الذي علق بك.”

تعتمد في كتابها على العبارات التوكيدية (Affirmations)، وهي جُمل إيجابية تُكررها لنفسك حتى تُعيد برمجة عقلك الباطن. قد يراها البعض طفولية أو ساذجة، لكنها في الحقيقة تفتح مساحات نفسية كانت مغلقة. وتدعو معها إلى الغفران، التأمل، التحرر من الماضي، والانتباه للطفل الداخلي الذي ما زال يصرخ بصمت داخل كل واحد منا.

“الشفاء من الداخل” ليس كتابًا تُنهيه بسرعة، بل كتاب يُقرأ على مراحل، حسب الجرح الذي فيك، واللحظة التي تمر بها.

حين يتكلم الجسد بلغة النفس: الأفكار الرئيسية في “الشفاء من الداخل”

لويس هاي لا تعلّمك كيف تتخلّص من المرض، بل كيف تسمعه، تفهمه، وتفكّ شفرته. في كتابها، لا يوجد فصل واضح بين الجسد والعقل والمشاعر. الكل مترابط، وكل فكرة تُفكّر بها، تترك أثرًا، صغيرًا كان أو متراكمًا، يظهر في ملامح وجهك، في طريقة وقوفك، وفي شكوى جسدك التي لا تفسير طبي دقيق لها.

هذه بعض الأفكار الجوهرية التي تشكل هيكل هذا العمل العميق:

  1. 1. الفكر بداية كل شيء

الفكرة التي تسيطر عليك، تصبح جزءًا من جسدك. من تظن أنك فاشل، سيبدأ جسده بالتعب. من يشعر بالذنب، سيخلق ألمًا في داخله يُعاقب به نفسه.

“نحن نصنع أمراضنا، لأننا نحمل بداخلنا كلمات مؤذية، وذكريات لم تُغفر، وصور قديمة عن أنفسنا نرفض أن نُبدّلها.”

  1. 2. الجسد يتحدث… فهل نُصغي؟

كل عضو له دلالة عاطفية.

  • آلام الظهر؟ ربما تحمل عبء لا تريد الإفصاح عنه.
  • مشاكل المعدة؟ صعوبة في “هضم” مواقف الحياة.
  • أمراض الجلد؟ انعدام أمان داخلي أو رغبة في الاختفاء.

هاي تقدم جدولًا شهيرًا يربط بين الحالة الجسدية والخلفية النفسية المحتملة، ليس كتشخيص، بل كوسيلة لفهم نفسك بشكل أعمق.

  1. 3. الكلمات ليست فقط صوت… بل طاقة تتجسّد

الكلمات التي تقولها لنفسك في السرّ هي أخطر من أي نقد خارجي. كل مرة تقول: أنا غبي، أنا لا أستحق، أنا دائمًا أفشل، فأنت تعطي عقلك أمرًا يتلقاه كأنه قانون.

هاي تعلّمك أن تعكس هذه اللغة: أنا أتعلم، أنا أستحق الحب، أنا في طريق الشفاء.”

“أنت لا تكذب حين تقول كلمات إيجابية… بل تكسر الكذبة القديمة التي صدّقتها.”

  1. 4. الغفران… ليس للآخرين فقط، بل لنفسك أولًا

الألم الذي لا تغفره، تسكبه داخل جسدك. الغضب، الكراهية، الندم… كلها طاقة تتجمّع وتبحث عن مخرج، وغالبًا ما تجده في شكل ألم مزمن أو توتر دائم.

“عندما تغفر، لا تبرّئ الآخر، بل تفكّ نفسك من حبله.”

  1. 5. الشفاء يبدأ من الداخل… لكن لا ينتهي هناك

التفكير وحده لا يكفي. لا بد أن تُرافقه ممارسات:

  • التأمل
  • الكتابة اليومية
  • التنفس الواعي
  • العبارات التوكيدية أمام المرآة
  • الرغبة الحقيقية في التغيير

الشفاء، كما تصفه هاي، ليس لحظة، بل ممارسة يومية، ناعمة، وصبورة.

من الفكرة إلى الممارسة: كيف نعيش “الشفاء من الداخل” كل يوم؟

كتاب “الشفاء من الداخل” لا يُقرأ بعين القارئ فقط، بل يجب أن يُقرأ بالقلب، ويُعاد بالقلم، ويُترجم بالهدوء، ويُمارس في التفاصيل الصغيرة. لويس هاي لا تطلب منك أن تغيّر حياتك كلها مرة واحدة، بل أن تغيّر نبرة صوتك الداخلي، ثم تشاهد الحياة تتغيّر بهدوء.

وهنا بعض الطرق الواقعية لتطبيق هذا الفكر التحويلي:

١. تحدّث إلى نفسك بلغة محبّة… كل صباح

ابدأ يومك بعبارة إيجابية واحدة على الأقل. قف أمام المرآة، حتى لو شعرت بالغرابة، وقل لنفسك شيئًا بسيطًا مثل:

“أنا أستحق أن أعيش بسلام اليوم.”

“أنا أسمح للشفاء أن يدخل حياتي.”

كررها، حتى تصدّقها. لأن ما تكرره، يترسخ.

٢. اكتب مشاعرك… بدل أن تسجنها

امسك دفترًا صغيرًا، واكتب فيه دون تفكير طويل. كل ما تحس به، كل ما أزعجك، كل كلمة سمعتها وظلّت داخلك.
ثم، بعد كل فقرة ألم… أضف جملة شفاء.

مثلاً:

  • “أنا خائف لأنهم خذلوني… لكنني الآن أتعلم أن أحميني.”

هذا ليس تفريغًا فقط… بل اعتراف + تحرير.

٣. راقب جسدك كأنه يتحدث إليك

هل هناك ألم يتكرّر؟ توتر في الرقبة؟ شدّ في البطن؟

اسأل نفسك:

“متى بدأ هذا الألم؟ ما الذي كنت أمر به في تلك الفترة؟ هل هناك مشاعر لم أتحدث عنها؟”

الجسد لا يشتكي بلا سبب. والاهتمام بما يقوله هو أول خطوة في الاحترام الذاتي.

٤. أنشئ روتينًا صغيرًا للتهدئة

قبل النوم أو بعد الاستيقاظ:

  • مارس 3 دقائق من التنفس البطيء.
  • تخيّل ضوءًا ناعمًا يملأ صدرك.
  • قل جملة واحدة: أنا في أمان… بداخلي.”

هذا التمرين الصغير يعلّم عقلك أن الأمان داخلي، لا خارجي.

٥. اغفر… لمن كان السبب، أو لمن كنت أنت

لويس هاي تكرّر في صفحاتها:

“الشفاء لا يكتمل إلا إذا غفرت.”

ابدأ بأشخاص لم يعتذروا. ثم انتقل لنفسك… لأخطائك القديمة، لنسخك القديمة.

الغفران لا يُعطي حقًا لأحد… بل يُعطيك أنت الحرية.

٦. لا تنتظر الشفاء التام كي تحب نفسك

تحب نفسك الآن، وأنت مكسور، مرهق، متردد.

تحب نفسك وأنت في منتصف الطريق.

“كلما أحببت نفسك أكثر، قلت حاجتك للعقوبة النفسية.”

الشفاء من الداخل ليس علاجًا سريعًا، بل نمط حياة.

كل كلمة رقيقة تقولها لنفسك، كل لحظة تصمت فيها بدل أن تهاجم ذاتك، كل مرة تغفر فيها شيئًا صغيرًا… أنت تقترب.

لماذا “الشفاء من الداخل” كتاب مختلف؟ نقاط القوة التي تلمسك قبل أن تفهمها

هناك كتب تمر بها كأنك تركض خلالها، وهناك كتب تمر بك كأنها تجلس بجانبك وتضع يدًا على كتفك. الشفاء من الداخل من النوع الثاني. لم يُكتب ليناقشك بعقلك فقط، بل ليربّت على قلبك، ويذكرك أنك لا تحتاج أن تكون مثاليًا كي تستحق السلام.

هذه بعض نقاط القوة التي تجعل هذا الكتاب مميزًا وسط مئات كتب التنمية الذاتية:

١. لغة الكتاب… حنونة بلا مبالغة

لويس هاي تكتب وكأنها تعرفك، وكأنها تعرف وجعك، لكنها لا تشفق عليك.

كلماتها مليئة بالحب، لكنها لا تجعلك تشعر بأنك ضعيف أو عاجز، بل بأنك كامل رغم ندوبك.

٢. لا يتعامل مع القارئ كضحية

رغم أن الكتاب يتحدث عن الألم، لكنه لا يشجع على دور الضحية.

بل يزرع فكرة أنك مسؤول عن نفسك، وعن شفاء نفسك، خطوة بخطوة، بكلماتك، بأفكارك، بنظرتك للذات.

٣. ربط النفس بالجسد بذكاء فطري

بدون مصطلحات معقدة، وبدون علم نفسي ثقيل، يوصل لك فكرة عميقة جدًا:

أن الجسد مرآة الروح.

وأن الجسد يطلب منا أن نصغي له، لا أن نقمعه بالمسكنات فقط.

٤. أسلوب عملي وليس مجرد تحفيزي

هاي لا تكتفي بقول “فكّر إيجابيًا”، بل تقدم تمارين واضحة: كتابة، حديث للمرآة، تأملات قصيرة، كلها قابلة للتطبيق من أول يوم.

الكتاب أداة، مش مجرد إلهام لحظي.

٥. يناسب جميع الأعمار والمراحل

لا تحتاج خبرة نفسية أو خلفية طبية لفهمه. سواء كنت مراهقًا، أم شابًا يبحث عن ذاته، أو بالغًا يرمم جراح الطفولة، ستجد صوتك بين سطوره.

٦. يقدّم فكرة العافية كحق طبيعي

لويس هاي لا تطلب منك أن تصير خارقًا، بل أن تفهم أنك خلقت لتعيش بكرامة وسلام.

وأن الشفاء حق، لا مكافأة ولا امتياز.

لهذا السبب يبقى “الشفاء من الداخل” كتابًا يعيش مع القارئ. لا فقط لتقرأه… بل ليذكّرك في كل منعطف أن السلام الحقيقي لا يُستورد من الخارج، بل يُستيقظ من الداخل.

حين يكون السلام داخلك… لا شيء يستطيع سرقته

لويس هاي لا تعدك بأنك لن تمر بلحظات ألم بعد قراءة “الشفاء من الداخل”. لا تقول إن الكلمات وحدها كافية لمسح جراح عمر كامل. لكنها تهمس لك، بهدوء يشبه نور الفجر:

يمكنك أن تبدأ من جديد. يمكنك أن تبني لنفسك بيتًا داخليًا، آمنًا، مهما كانت العواصف في الخارج.”

الكتاب ليس مجرد نصيحة أو مجموعة نصوص إيجابية، بل خريطة عاطفية تُرشدك كيف تفتح نافذة صغيرة في جدار اليأس، كيف تصنع مساحة للنور، كيف تتعامل مع نفسك بشفقة بدلًا من قسوة لا معنى لها.

اليوم، لا تحتاج أن تغيّر العالم، ولا أن تصبح نسخة أفضل مما أنت عليه.

كل ما تحتاجه ربما يكون فقط جملة صغيرة، تقولها بهمس داخلك:

أنا أستحق أن أشفى… وسأعطي نفسي فرصة.”

ولعلّ هذا الاعتراف البسيط، هذه الرحمة الصغيرة تجاه نفسك، تكون بداية رحلة لا تشبه أي رحلة أخرى.
رحلة لا تقودك إلى مكان بعيد، بل تعيدك إلى حيث كنت دومًا… إلى نفسك. لكن بطريقة أجمل، أرق، وأهدأ.

Originally posted 2025-05-31 15:02:42.

آخر الصور

أحدث الصور

ألبوم الصور

مقتطفات من حفل وشاح عام المجتمع 2025

 

 

أتشرف بتقديم خالص الشكر وعظيم الامتنان لكم، ولإخواني وأخواتي في فريق شكراً لعطائك التطوعي، على هذه المبادرة الكريمة بترشيحي لنيل وشاح عام المجتمع 2025، تزامناً مع احتفالكم باليوم العربي للتطوع.

لقد غمرتني كلماتكم الصادقة التي حملت معها تقديراً رفيعاً وتكريماً جزيلاً أعتز به أيما اعتزاز. وما ذلك إلا ثمرة للعمل الجماعي وروح العطاء التي غرسها قادتنا فينا، لنكون جميعاً في خدمة وطننا العزيز ومجتمعنا الغالي.

إن ترشيحكم هذا يزيدني فخراً ومسؤولية، ويدفعني إلى مواصلة البذل والمساهمة في تعزيز ثقافة التطوع، متأملاً أن أكون عند حسن ظنكم، وأن أساهم معكم في تجسيد رؤيتكم النبيلة: متطوع في كل بيت.

أسأل الله أن يوفقكم ويسدد خطاكم، وأن يبارك في جهودكم، وأن يجزيكم خير الجزاء على ما تقدمونه من أعمال إنسانية عظيمة وأثر طيب في قلوب الناس.

وتفضلوا بقبول خالص الشكر والتقدير.

ألبوم الصور

تهنئة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي

 

 

أتشرف بأن أرفع أصدق التهاني لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بمناسبة صدور المرسوم الأميري بإنشاء مجلس الشارقة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

لقد اعتدنا من سموه أن تكون مبادراته مرآةً لقلب نابض بالإنسانية، ورؤية لا ترى في التنمية سوى الإنسان جوهرها ومبتداها. وفي خطوته الجديدة تأكيد عميق على أن كرامة أصحاب الهمم وحقوقهم هي جزء لا يتجزأ من كرامة المجتمع كله.

خطوة مباركة تؤكد من جديد ريادة الشارقة في جعل الإنسان جوهر التنمية، وترسيخ مبدأ العدالة والدمج المجتمعي، وصون كرامة أصحاب الهمم وتمكينهم من حقوقهم كاملة. إن هذا المجلس ليس مجرد مؤسسة، بل هو رسالة حضارية وإنسانية تُترجم رؤية سموه الثاقبة بأن المجتمعات لا تزدهر إلا بمشاركة جميع أفرادها بلا استثناء.

إن ما يميز هذا العطاء ليس فقط تأسيس مجلس يرعى الحقوق، بل هو امتداد لمسيرة قائد جعل من العدالة والاحتواء والتكافؤ ميثاقاً عملياً في كل قرار.

حفظ الله سموه، وأدامه رائداً للخير والإنسانية.